للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فمن استحيا من الله تعالى استحيا الله منه. نبَّه بهذه الوصية النافعة الجامعة لخيري الدنيا والآخرة على الجوارح الظاهرة: فالرأس وما حوى ظاهر، والبطن وما وعى عبَّر به عن الباطن؛ ليحفظ المؤمن قلبه عن العقائد الفاسدات، ويصونه عن الوساوس المذمومة والغفلات، ولا يدخل جوفه شيئًا من المحرمات، ويحفظه أيضًا من الشبهات.

قال أبو جحيفة: كنت عند رسول الله فتجاشأتُ، فقال: «أقصر عنَّا جشَأَك، فإن أطول الناس جوعًا يوم القيامة أكثرهم شبعًا في الدنيا». قال: فما شبعت بعد (١).

عن أبي هريرة قال: قال رسول الله : «إن الله تعالى طيب لا يقبل إلا طيبًا، وإن الله تعالى أمر المؤمنين بما أمر به المرسلين». فقال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا﴾ [المؤمنون: ٥١]. وقال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ﴾ [البقرة: ١٧٢]، ثم ذكر الرجل يطيل السفر، أشعث أغبر، يمدَّ يديه إلى السماء: يا رب، يا رب، ومطعمه حرام، ومشربه حرام، وغذِّي بالحرام؛ فأنَّى يستجاب لذلك؟! (٢).


(١) أخرجه البزار في مسنده (٤٢٣١)، والطبراني في الكبير ٢٢/ ١٢٦ (٣٢٧)، والبيهقي في شعب الإيمان (٥٦٤٣) من حديث أبي جحيفة .
وأخرجه ابن ماجه في «سننه» (٣٣٥٠)، والترمذي في «جامعه» (٢٤٧٨)، والبيهقي في شعب الإيمان (٥٦٤٦) من حديث ابن عمر ، قال: تجشأ رجل عند النبي فقال: «كف جشاءك عنَّا، فإن أكثركم شبعًا في الدنيا أكثركم جوعًا يوم القيامة»
قال الترمذي: هذا حديث غريب من هذا الوجه. وقال أبو حاتم في العلل» (١٩١٠): هذا حديث منكر. وقال الألباني في الصحيحة (٣٤٣): حسن بمجموع طرقه.
(٢) أخرجه عبد الرزاق في مصنفه (٨٨٣٩)، وأحمد في مسنده ٢/ ٣٢٨ (٨٣٤٨)، والدارمي في سننه (٢٧١٧)، والبخاري في رفع اليدين (٩١)، ومسلم في صحيحه (١٠١٥) (٦٥)، والترمذي في جامعه (٢٩٨٩) من حديث أبي هريرة .

<<  <  ج: ص:  >  >>