للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال الله تعالى: ﴿قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ﴾ [النور: ٣٠] فمن غضَّ بصره حياء من المولى الغفور، فهو عبد مؤمن مأجور، وفي الخبر: «لُعنَ النَّاظرُ والمنظور» (١).

والناس في النظر المحرَّم على أقسام: منهم من غضَّ بصره حياءً من الخلائق، فإذا خلا بنفسه، ولم يكن إلا الله تعالى مدَّ بصره؛ وهذا فعل غير لائقٍ. قال الله تعالى فيمن هذه صفته: ﴿يَسْتَخْفُونَ مِنَ النَّاسِ وَلَا يَسْتَخْفُونَ مِنَ اللَّهِ وَهُوَ مَعَهُمْ﴾ [النساء: ١٠٨]. وهذا عبد محقور لتعظيمه نظر مخلوق مثله، ولم يفعل ذلك مع المولى الغفور. قال : «من لم يكن له ورعٌ يَحجُزُه عن محارم الله إذا خلا؛ لم يعبأ الله بشيء من عمله» (٢).

يقول الله ﷿ في بعض كتبه المنزلة: «يا عبادي، إن كنتم تعلمون أني لا أراكم فالخلل في دينكم، وإن كنتم تعلمون أني أراكم، فلم جعلتموني أهون الناظرين إليكم؟!» (٣).


= فقال: لا أثبت على رجل يشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمدًا رسول الله كفرًا. ورماه من يده، فتعصب جماعة من الدولة للفتح، فأصر ابن مخلوف، فكتبوا محضرًا شهد فيه جماعة بأنه مجنون، فتوقف عليه ابن دقيق العيد أيضًا وقال: مَا نعرفه إلا رجلًا عاقلًا. وأشاع ابنُ مخلوف أنه رأى منامًا يقتضي قتله، فاتهمه الناس في ذلك، فلم يول إلى أن استأذن السلطانَ في أمره، فأذن في عقد مجلس، فعقد بالصالحية، وضربت عنقه في سنة إحدى عشرة».
قلتُ: تقدَّم ذكر رؤيا ابن مخلوف في كلام العيني، وليس فيه أنه أشاعه، واتهمه الناس فيه، والله أعلم.
(١) ضعيف: أخرجه البيهقي في «شعب الإيمان» (٧٧٨٨) من حديث الحسن البصري، قال بلغني أن رسول الله قال: «لعن الله الناظر والمنظور إليه». قال البيهقي: هذا مرسل.
(٢) أخرجه أبو نعيم في «حلية الأولياء» ٢/ ٣٨٦ من حديث أنس بن مالك مرفوعًا، بلفظ: «خشية الله رأس كل حكمة، والورع سيد العمل، ومن لم يكن له ورع يحجزه عن معصية الله ﷿ إذا خلا بها، لم يعبأ الله بسائر عمله شيئًا».
قال الألباني في «الضعيفة» (١٥٨٣): ضعيف.
(٣) هذا من الإسرائيليات، وقد ذكره ابن عجيبة الإدريسي في «البحر المديد» ٣/ ٢٣٥، ٤٧٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>