للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

١٣١] أي: يا عبدي لا ترضى إلا بما عندي، جنة عرضها السماوات والأرض، وأوسع من ذلك المغفرة.

أرضيتم بالحياة الدنيا من الآخرة؟ أتستبدلون الذي هو أدنى بالذي هو خير؟ شبه المولى زينتها بالزهرة، فلا تشغلك زهرتها عن طريق المصطفى، فهذه الزهرة لا بد لها من الانطفاء.

قال الله تعالى: ﴿إِنَّا جَعَلْنَا مَا عَلَى الْأَرْضِ زِينَةً لَهَا لِنَبْلُوَهُمْ أَيُّهُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا (٧) وَإِنَّا لَجَاعِلُونَ مَا عَلَيْهَا صَعِيدًا جُرُزًا﴾ [الكهف: ٧ - ٨]. الجرز: هو اليابس. أذهبت القدرة تلك الخضرة فقوله تعالى: ﴿زينة لها﴾ لم يقل (١): زينةً لك، قال : «زينة المؤمن الطاعة» (٢).

والأحمق من يفرح بزينة غيره، ويترك ما يزيِّنه عند الله تعالى.

وقوله: ﴿لنبلوهم﴾ أي: لنختبرهم بها؛ هل يحبونها أو يحبونه؟ وهو أعلم بهم.

فإذا زوى الله تعالى عنك الدنيا، فقد زوى عنك ما يشغلك عنه، فإياك أن تمد عينيك إلى مَنْ أُعطي عطاءً وشُغل (٣) به عن الله لقوله تعالى: ﴿وَلَا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ﴾ [طه: ١٣١]. وَقُلْ كما قال نبي الله: ﴿فَمَا آَتَانِيَ اللَّهُ خَيْرٌ مِمَّا آَتَاكُمْ﴾ [النمل: ٣٦] ولا تحسدن أحدًا (٤) على دنياه، وارحمه على ما فاته مِنْ خالقه ومولاه.

وفي الحديث: «إذا أحب الله عبدًا، زوى عنه الدنيا وابتلاه» (٥).


(١) في (خ): ما قال.
(٢) لم أقف عليه.
(٣) في (ق): واشتغل.
(٤) في (خ): ولا تحسده.
(٥) أخرجه ابن أبي شيبة في «المصنف» (٣٥٢٤٣)، والطبراني في «المعجم الكبير» ١٢/ ١٥١ (١٢٧٣٥) عن ابن عباس ، قال: قال نبيٌّ من الأنبياء: اللهم العبدُ من عبيدك يعبدك، ويطيعك، ويجتنب سخطك، تَزْوِي عنه الدُّنيا، وَتَعْرِضُ له البلاء، والعبد يعبد غيرك، ويعمل بمعاصيك، فتعرض له الدُّنيا، وَتَزْوِي عنه البلاء. =

<<  <  ج: ص:  >  >>