للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الدنيا، ويباهى بها الأمم في الآخرة، وتخميد هذه النفس الفاجرة.

يحكى أن السلطان صلاح الدين أثخن بالجراح في غزوة، وقُتِل من المسلمين جماعة، ثم انتصروا، فدخل الملك إلى خيمته غضبان يُهَمْهِم، فقال له وزيره وكان الوزير حنفي المذهب: هذا يوم عيد أيها الملك. فقال: مذهبكم يقول: إن النكاح أفضل من هذا، كيف يكون هذا؟! قال الوزير: لولا النكاح ما كنت أيها الملك ولا أحدٌ من حاشيتك. فأعجب الملك وسكن غضبه (١).

وروي أن الصحابة قالوا للنبي : كَثُر النِّساء فادع عليهم. فدعا لهم، وقال: «كيف أدعو على شجرة أنتم ثمارها» (٢).

ثم اعلم رحمك الله بأن الله تعالى حسَّن المحسنات وكثَّر ألوانهن، وخلق في الإنسان الضعف والميل؛ فقال تعالى: ﴿وَخُلِقَ الْإِنْسَانُ ضَعِيفًا﴾ [النساء: ٢٨]. وفي آية أخرى: ﴿فَلَا تَمِيلُوا كُلَّ الْمَيْلِ﴾ [النساء: ١٢٩]. فجعل في النِّساء من هي بيضاء بحلية سوداء تؤدي إلى الصفرة، وأخرى علاها البياض بحلية زرقاء تؤدي إلى الشقرة، وواحدة ما اتصفت بالأولى ولا تشبهت بالثانية، قد علاها السمرة، وامرأة قد صبغها رب العباد وحلاها بالسواد؛ فسبحان من له هذه القدرة.

فلما زين الحقُّ هؤلاء الأربعة بهذه الزينة أباحهن في الحلال لهذه النفس المسكينة، فأباح الشرع للمسلم أربع زوجات في الحلال، وجميع ما يملكه بشراء أو هبة وصدقة وميراث، أن يطأها إن لم يكن وطئها الأب ولا الأخ والعم والخال.

وقد أباح الحقُّ سبحانه لهن الزينة والتحلي بالذهب والفضة والحرير، وجعلهن ناقصات عقل ودين، فترى الغالب عليهن نسيان الآخرة؛ فَهَمُّها (٣)


(١) لم أقف عليه.
(٢) لم أقف عليه.
(٣) بياض في (ق، ب)، وفي (خ): فهما.

<<  <  ج: ص:  >  >>