للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والباقي إلى النار» (١).

وهؤلاء الفتيان قد خرجوا عن السنة وحكم القرآن، واتبعوا طريق المغرورين الهالكين المبعودين من رحمة رب العالمين، فخرجوا عن طريق سيد المرسلين، والصحابة المكرمين، والأئمة الراشدين، وأضافوا ما يفعلونه من القبائح ويقترفونه (٢) لأمير المؤمنين، فإن احتجوا بفعل هذه المحظورات لفعل الخيرات، كخلاص محبوس منهم أو من لزمه دين، وهذه من أفعال البر، فيمشي الكبير على أصحابه ويقول: خلصوا أخاكم في الفتوة.

جوابه اسمع يا قليلَ التوفيق والمروءة: هذا من تلبيس إبليس، يريد أن يخرجك عن طريق النبوة، فيغرك كما غر أباك لتكون النار مأواك، قال المولى الغفور: ﴿وَقَاسَمَهُمَا إِنِّي لَكُمَا لَمِنَ النَّاصِحِينَ (٢١) فَدَلَّاهُمَا بِغُرُورٍ فلما ذاقا الشجرة بدت لهما سوءاتهما وطفقا يخصفان عليهما من ورق الجنة ونادهما ربهما ألم أنهكما عن تلكما الشجرة وأقل لكما إن الشيطان لكما عدو مبين (٢٢)[الأعراف]. وقال المولى القدير: ﴿إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ﴾ [فاطر: ٦].

انظر إلى هذا العدو المبين كيف يزين لابن آدم القبيح حتى يراه حسنًا، فيوقع المغرور في البدعة والفجور، قال بعضهم:

يا غاديًا في جهله ورائحًا … إلى متى تستحسن القبائحا

يا عجبًا منك وأنت مبصر … كيف تجتنب (٣) الطريق الواضحا

وهذا العدو يرانا ولا نراه، فهو غالب العبد بلا محالة إن لم ينصره خالقه ومولاه.

نرجع إلى قولهم: إنَّ هذه الفتوة عملناها لأجل خلاص المحابيس من أصحابنا، ومن لزمه دَين منهم.


(١) سبق تخريجه.
(٢) ليست في (خ، ب).
(٣) في (خ): تجنبت.

<<  <  ج: ص:  >  >>