للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

«الحرب خدعة» (١).

والغرض في الحرب المغالبة، والهزيمة، وقتل الملوك وأسرهم من غير إنذارهم، ولا يراعى في جميع ذلك صفات مخصوصة، فيجوز للفارس قتل عدوه حيث وجده: يمينًا أو شمالًا، خلفًا أو أمامًا، وكذلك الراجل، وراكب الفرس والفيل. فيجوز للرجل قتل جماعة في جملة واحدة، ويتخطى قومًا، ويقتل من خلفهم قومًا آخرين، وإذا استتر الملك بغيره يجوز قتله، وقتل من استتر به.

وأوضاع الشطرنج ليس منه قطعة إلا وصيدها على غير طريق صيد صاحبها، فلاعب الشطرنج إذا ذهب لقتال العدو يقول: إنما تعلمت السير إلى قدام، ولا يجوز لي الضرب إلا يمينًا ويسارًا. فإن ظفر بعدوه أمامه تركه، فيقتله عدوه. فإن لم يقدر على الرجوع من خلفه، ووجد مسلكًا عن يمينه أو يساره، قال: لا يجوز لي المشي من يمين ويسار، فيدركه عدوه، ويقتل بسيف الكفار. وكذلك يقال في القِطَعِ كلِّها. ومن عادة الفيل أن يعتمد في الحرب، فيحطم كل ما يراه وهو في حكم الشطرنج أضعف مقاتل، (٢) (ومن أحسن الحيل في الحرب قتل الملوك، وأخذهم حيث وجدوا. وفي وضع الشطرنج إذا ظفر بالملك أعلمه، لإشرافه على الهلاك، وطرق له طريقًا للهروب. وهذا من أقبح ما يكون في الحروب. وهم قاسوه على النِّصال (٣). والأولى أن يقاس على النرد؛ لما فيه من اللعب والكذب والمحال. ثم لو شبه بالنِّصال، وبلعبه يتعلم الإنسان خدع الحرب، لكان مندوبًا إليه وعليه يثاب كالثقاف، واللعب بالرماح، والسباق، والرمي


(١) أخرجه الحميدي في «مسنده» (١٢٣٧)، وأحمد في «مسنده» ٣/ ٣٠٨ (١٤٣٠٨)، والبخاري في «صحيحه» (٣٠٣٠)، ومسلم في «صحيحه» (١٧٣٩) (١٧)، وأبو داود في «سننه» (٢٦٣٦)، والترمذي في «جامعه» (١٦٧٥)، والنسائي في «السنن الكبرى» (٨٦٤٣) من حديث جابر .
(٢) من هنا سقطت ورقة من (ق).
(٣) النصال: جمع النصل، وهو: حديدة الرمح والسيف، والمراد هنا: المبارزة واللَّعب بالحراب.

<<  <  ج: ص:  >  >>