للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

دقَّ بعضهم الباب على معروف الكرخي، فقال الشيخ من داخل: اللهم من جاء يشغلني عنك، فاشغله بك عني. فاستجيبت دعوة معروف، وشغل الرجل بالله تعالى (١).

من عرف ما يطلب، هان عليه ما يبذل، ومن أحب الفوائد؛ صبر (٢) على الشدائد.

ثم اعلم بأن عُمرًا ضُيع أوله، جدير أن يحفظ آخره؛ لأن الأعضاء قد يبست على حب المخالفة، أما سمعت أو رأيت شيخًا يقول لشيخ مثله: قم حتى نلعب أو نشرب. الموت بين عينيه، وقلبه معلق بشيء يبعده عن ، يخجله إذا وقف بين يديه، وسيندم ندمًا لا آخر بعده لذهاب عمره، ولما فاته من مقام رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه.

قال : «من مات ندم» (٣)، فإذا كان المحسن يندم كونه الذي ما ازداد طاعة وإحسانًا، فكيف لا يندم من محق عُمره في المخالفة، وما ازداد إلا بدعة وطغيانًا.

قبيح بك أيها المؤمن، تشيب وأنت طفل لا تفهم مراد الله منك، الشباب يتقربون إلى الله سبحانه بالطاعة، وأنت أيها الشيخ الضال تتباعد عنه بالبدع والمعاصي والشناعة، والعجب من شاب يستحي من الله تعالى أن


(١) لم أقف عليه عن معروف، وإنما رواه أبو نعيم في «الحلية» ١٠/ ٣٦٦ عن السري السقطي.
(٢) في (خ): هجم.
(٣) أخرجه ابن المبارك في «الزهد» (٣٣)، ومن طريقه الترمذي في «جامعه» (٢٤٠٣) من حديث أبي هريرة قال: قال رسول الله : «ما من أحد يموت إلا ندم» قالوا: وما ندامته يا رسول الله؟ قال: «إن كان مُحسنًا ندم أن لا يكون ازداد، وإن كان مسيئًا ندم أن لا يكون نزع».
قال الترمذي: هذا حديث إنما نعرفه من هذا الوجه، ويحيى بن عبيد الله قد تكلم فيه شعبة، وهو يحيى بن عبيد الله بن موهب مدني.
وضعفه الألباني في «ضعيف الجامع» (٥١٤٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>