للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأهدر النبي دم بعض الشعراء، فهام على وجهه وانقطع عن أهله فتاب، وجاء معتذرًا مستسلمًا (١)، وجاء في قوله تعالى: ﴿وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ﴾ [لقمان: ٦]. قال ابن عباس: هو الغناء والاستماع له (٢).


(١) في (ط): مسلمًا. وهو كعب بن زهير، وأخرج حديثه الحاكم في «المستدرك» ٣/ ٥٨٣ - ٥٨٤ من طريق محمد بن إسحاق قال: لما قدم رسول الله المدينة منصرفه من الطائف وكتب بجير ابن زهير بن أبي سلمى إلى أخيه كعب بن زهير بن أبي سلمى يخبره أن رسول الله قتل رجالًا بمكة ممن كان يهجوه ويؤذيه، وأنه من بقي من شعراء قريش: ابن الزبعرَى، وهبيرة بن أبي وهب، قد هربوا في كل وجه فإن كانت لك في نفسك حاجة فطر إلى رسول الله ؛ فإنه لا يقتل أحدًا جاءه تائبًا، وإن أنت لم تفعل فانج بنفسك إلى نجائك. وقد كان كعب قال أبياتًا نال فيها من رسول الله حتى رويت عنه وعرفت وكان الذي قال:
ألا أبلغا عني بجيرًا رسالة … وهل لك فيما قلت ويلك هل لكا
فخبرتني إن كنت لست بفاعل … على أي شيء ويح غيرك دلكا
على خلق لم تلف أمًّا ولا أبا … عليه ولم تلف عليه أبا لكا
فإن أنت لم تفعل فلست بآسف … ولا قائل لما عثرت لعالكا
سقاك بها المأمون كأسًا روية … فانهلك المأمون منها وعلكا
قال: وإنما قال كعب المأمون؛ لقول قريش لرسول الله ، وكانت تقوله فلما بلغ كعب ذلك ضاقت به الأرض، وأشفق على نفسه وأرجف به من كان في حاضره من عدوه فقالوا: هو مقتول فلما لم يجد من شيء بدًا. قال قصيدته التي يمدح فيها رسول الله ، وذكر خوفه وإرجاف الوشاة به من عنده، ثم خرج حتى قدم المدينة، فنزل على رجل كانت بينه وبينه معرفة من جهينة كما ذُكر لي فغدا به إلى رسول الله حين صلى الصبح، فصلى مع الناس ثم أشار له إلى رسول الله ، فقال: هذا رسول الله ، فقم إليه فاستأمنه. فذُكر لي أنه قام إلى رسول الله حتى وضع يده في يده، وكان رسول الله لا يعرفه، فقال: يا رسول الله، إن كعب بن زهير جاء ليستأمن منك تائبًا مسلمًا، هل تقبل منه إن أنا جئتك به؟ فقال رسول الله : «نعم» فقال: يا رسول الله، أنا كعب بن زهير … وذكر الحديث.
(٢) أخرجه ابن أبي شيبة في «مصنفه» (٢١٥٤٤)، والبخاري في «الأدب المفرد» (٧٨٦)، والبيهقي في «السنن الكبرى» ١٠/ ٢٢٣ من قول ابن عباس .
وصححه الألباني في «صحيح الأدب المفرد».

<<  <  ج: ص:  >  >>