للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا﴾ [النساء: ١١٥]. والنار جزاء لمن ظلم، وإن كان مسلمًا من خير الأمم، قال المولى إخبارًا عن قول قابيل، لما أراد قتل هابيل (١): ﴿إِنِّي أُرِيدُ أَنْ تَبُوءَ بِإِثْمِي وَإِثْمِكَ فَتَكُونَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ وَذَلِكَ جَزَاءُ الظَّالِمِينَ﴾ [المائدة: ٢٩].

والمبتدع هو ظالم لخروجه عن الطريقة المحمدية، ودخوله في البدعة الرَّدية، فقد تعدى الحدود، وأسخط المعبود، وشؤم ذلك عليه يعود، يوم لا ينفع مال ولا بنون، ولا يجزي والد عن مولود، قال الله تعالى: ﴿وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ﴾ [البقرة: ٢٢٩]، وقال تعالى: ﴿وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ﴾ [الطلاق: ١] فظلمها الذي أوجب عليها غضب الجبار، وعذاب النار وذلك لعدوله عن الآيات والأخبار، ولخروجه عن طريق النبي المختار، والصحابة الأخيار، والمسلمين الأبرار، فصار الظلم (٢) على أقسام: الكافر ظالم، والمنافق ظالم، والمبتدع والعاصي ظالم، والكل يذهب بالتوبة. وظلم آخر يحتاج الظالم أن يرضي المظلوم في الدنيا: كضرب، وسب، وغيبة، وقتل مسلم بغير حق، وشهادة الزور، ونميمة، وبهتان، وما يشبه ذلك ويقاربه لا بد من التحلل من المظلوم، والمظلوم مرحوم، والظالم ملعون.

وهذا حال من ظلم الناس لنفسه؛ وأنحس منه من ظلم الناس لغيره؛ لأن الأول أخرب آخرته لأجل دنياه، والثاني أخرب آخرته (٣) لأجل دنيا غيره، فصار أكبر إثمًا وأكثر بعدًا عن (٤) خالقه ومولاه، وكلا الطرفين ذميم. والذي أعتقده أن الحق سبحانه متى رضي عن عبدٍ، أرضى عنه خصومه، ونسأل الله العدل، والاستقامة، والأمن من فزع يوم القيامة، فمن عدل عدل به إلى الجنة، ومن جار فله النار.


(١) كذا في النسخ، وقد انقلب على المؤلف، وصوابه: «إخبارًا عن قول هابيل لمَّا أرادَ قابيلُ قتلَهُ:». فإن قابيل هو الذي قتل هابيل؛ كما ذكره أهل التفسير والتاريخ.
(٢) في (ط): الظالم.
(٣) هذا آخر الخرم في (ب)، وكان أوله من قوله: (قائم والسيف في يده).
(٤) في (خ): عند.

<<  <  ج: ص:  >  >>