للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

عَلَوْا تَتْبِيرًا (٧) عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يَرْحَمَكُمْ وَإِنْ عُدْتُمْ عُدْنَا وَجَعَلْنَا جَهَنَّمَ لِلْكَافِرِينَ حَصِيرًا (٨)[الإسراء]

وكان بعضُ المشايخ يقول: هولاكو ملكُ الترك التتار الذي قهر الخليفةَ بالعراق، وقتل ببغدادَ مقتلةً عظيمةً جدًّا، يقال: قتل منهم ألف ألف، وكذلك قتل بحلب دار الملك حينئذٍ، كان بعض الشيوخ يقول هو للمسلمين بمنزلة بُخْتُ نَصَّر لبني إسرائيل. وكان من أسباب دخول هؤلاء ديار المسلمين ظهورُ الإلحاد والنفاق والبدع حتَّى أنَّه صنَّف الرازيُّ (١) كتابًا في عبادة الكواكب والأصنام وعمل السحر سماه: «السِّرُّ المكتوم في السِّحْرِ ومخاطبة النُّجوم»، ويقال: إنه صنَّفه لأُمِّ السلطان علاء الدِّين محمد بن تِكِش بن جلال الدين خوارزم شاه (٢)، وكان من أعظم ملوك الأرض، وكان للرازي به اتصال قويٌّ، حتَّى أنه وصَّى إليه على أولاده، وصنَّفَ له كتابًا سماه: «الرسالة العلائية في الاختيارات السماوية». وهذه الاختياراتُ لأهل الضلال بَدَلَ الاستخارة التي علَّمها النبيُّ المسلمين كما قال جابرٌ في الحديث الصحيح الذي رواه


(١) هو ابنُ خطيب الرَّي: أبو عبد الله محمد بن عمر بن الحسن بن الحسين التيمي الرازي الملقب بفخر الدين (٥٤٤ - ٦٠٦ هـ)، أحد أئمة الأشاعرة، صاحب التفسير الشهير. وكتابه في السحر صحيح النسبة إليه، أثبته من ليس من أئمة السنة كالطبيب المؤرخ ابن أبي أُصَيْبِعَة (ت: ٦٦٨) في «عيون الأنباء في طبقات الأطباء» ص ٤٦٩، وابن خِلِّكان (ت: ٦٨١) في «وَفَيات الأعيان» ٤/ ٢٤٨، لهذا قال ابن تيمية في «نقض المنطق»: «صنف الرازي كتابه في عبادة الكواكب والأصنام، وأقام الأدلة على حسن ذلك ومنفعته، ورغَّب فيه، وهذه ردة عن الإسلام باتفاق المسلمين، وإن كان قد يكون تاب منه وعاد إلى الإسلام». وقال الذهبي في «ميزان الاعتدال»: «في كتاب الرازي «السر المكتوم» سحر صريح، فلعله تاب من تأليفه إن شاء الله تعالى».
قلتُ: أورد ابن أبي أُصيبعة في ترجمته وصيَّة الفخر الرازي، وهي دالة على ندمه وتوبته، والله تعالى يتجاوز عنَّا وعنه.
(٢) كذا، وفيه خطأ، صوابه: «علاء الدِّين محمد بن تِكِش»، وتكش يلقَّب أيضًا بعلاء الدِّين، أما جلال الدين فهو حفيد هذا، واسمه: مَنْكُوبْرِي بن مُحَمَّد بن تكش. وكان الفخر الرازي على صلة بمحمَّدٍ المتوفَّى سنة (٦١٧)، أما ابنه منكوبري فقُتل سنة (٦٢٨). انظر: «تاريخ الإسلام» للذهبي ١٣/ ٥١٥ (٤٧٨)، و ١٣/ ٨٥٥ (٤٥٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>