للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

عددًا ممن أحياهم عيسى بحياة الأبدان؛ وشتان بين حياة الإيمان وحياة الأبدان (١).

ومن ذلك أن الله تعالى يكتب لكل نبي من الأجر بقدر أعمال أمته وأقوالها وأحوالها، وأمة محمد شطر أهل الجنة (٢)، وقد أخبرنا تعالى أنهم: ﴿خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ﴾ [آل عمران: ١١٠] فلله الحمد والمنة.

فمن الأنبياء من لم يرسل إلى أحد، ومنهم من أرسل إلى واحد، ومنهم من أرسل إلى قرية، ومنهم من أرسل إلى قومه خاصةً، ورسالة النبي عامة للإنس والجن، فيأتي يوم القيامة بعض الأنبياء وقد تبعه رجل واحد، ومنهم من يتبعه رجلان، ومنهم من يتبعه رجال ونساء، ويلتفت فيرى سوادًا عظيمًا فيقول: «ما هؤلاء؟» فتقول له الملائكة: هم أمتك، وهم قدر شطر أهل الجنة (٣). فإذا كان نفع شطر أهل الجنة، وغيره من الأنبياء إنما نفع جزءً من أجزاء الشطر الآخر، فكانت منزلته في القرب على قدر منزلته في النفع، فجميع أعمال أمته وأحوالهم وأقوالهم وإيمانهم


(١) مثل هذه المقارنة المتكلفة لا داعي إليها، وفي خلق عيسى وكلامه في المهد من الآيات العظيمة الباهرة ما لم يكن لمحمد عليهما الصلاة والسلام، فلكلِّ نبيٍّ ما اختص به من الآيات ومن المنزلة والفضل والتكريم، ولا شكَّ في تفضيل نبينا الكريم على سائر الأنبياء، وقد آتاه الله تعالى أعظم الآيات وأجلها وهو القرآن الكريم. (ت)
(٢) أخرجه أحمد في «مسنده» ١/ ٣٨٦ (٣٦٦١)، والبخاري في «صحيحه» (٦٥٢٨)، ومسلم في «صحيحه» (٢٢١) (٣٧٦)، وابن ماجه في «سننه» (٤٢٨٣)، والترمذي في «جامعه» (٢٥٤٧) من حديث عبد الله بن مسعود قال: كنا مع النبي في قبة نحو من أربعين، فقال: «أترضون أن تكونوا ربع أهل الجنة؟» قلنا: نعم. قال: «أترضون ان تكونوا ثلث أهل الجنة؟» قلنا: نعم. قال: «والذي نفسي بيده إنِّي لأرجو أن تكونوا نصف أهل الجنة؛ وذاك أنَّ الجنة لا يدخلها إلا نفس مسلمة، وما أنتم في الشرك إلا كالشعرة البيضاء في جلد ثور أسود أو السوداء في جلد ثور أحمر».
(٣) أخرجه أحمد في «مسنده» ١/ ٢٧١ (٢٤٤٨)، والبخاري في «صحيحه» (٥٧٥٢)، ومسلم في «صحيحه» (٢٢٠) (٣٧٤)، والترمذي في «جامعه» (٢٤٤٦)، والنسائي في «السنن الكبرى» (٧٦٠٤) من حديث ابن عباس .

<<  <  ج: ص:  >  >>