للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

السلامَ، ويقول لك: إني أجعل هذه الجبال ذهبًا، وتكون معك حيثما كنت. فأطرق ساعةً ثم قال: «يا جبريل، إن الدنيا دار من لا دار له، ومال من لا مال له، قد يجمعها من لا عقل له». فقال له جبريل: «ثبَّتك الله يا محمد بالقول الثابت» (١).

قال ابن عباس : كان يبيت هو وأهله الليالي المتتابعة طاويًا، لا يجدون عشاءً (٢).

وقالت عائشة : لم يمتلئ جوف النبي شبَعًا قطُّ. ولم يبثَّ شكوَى إلى أحد. وكانت الفاقة أحب إليه من الغنى. وإن كان ليظل جائعًا يتلوى طول ليلته من الجوع، ولا يمنعه صيام يومه، ولو شاء سأل جميع كنوز الأرض، وثمارها ورغد عيشها. ولقد كنت أبكي رحمةً مما أرى به، وأمسح بيدي على بطنه مما به من الجوع وأقول: نفسي لك الفداء، لو تبلغت من الدنيا بما يقوتك؟ فيقول: «يا عائشة، ما لي وللدنيا، إخواني من أولي العزم من الرسل صبروا على ما هو أشد من هذا فمضوا على حالهم، وقدموا على ربهم، فأكرم مآبهم، وأجزل ثوابهم. فأجدني أستحي إن ترفهت في معيشتي أن يقصر بي غدًا دونهم، وما من شيء هو أحب إليَّ من اللحوق بإخواني وأخلائي». قالت: فما أقام بعد إلا شهرًا حتى توفي (٣).


(١) هذا الحديث ملفق من حديثين: الأول: أخرجه أحمد في «مسنده» ٥/ ٢٥٤ (٢٢١٩٠)، والترمذي في «جامعه» (٢٣٤٧) من حديث أبي أمامة: «عرض عليَّ ربي ليجعل لي بطحاء مكة ذهبًا، قلت: لا يا رب، ولكن أشبع يومًا وأجوع يومًا، فإذا جعت تضرعت إليك وذكرتك، وإذا شبعت حمدتك وشكرتك». وقال الألباني: ضعيف.
والحديث الثاني: أخرجه أحمد في مسنده ٦/ ٧١ (٢٤٤١٩)، والبيهقي في «شعب الإيمان» (١٠٦٣٨) من حديث عائشة: «الدنيا دار من لا دار له، ولها يجمع من لا عقل له». وقال الألباني في «السلسلة الضعيفة» (١٩٣٣): ضعيف.
(٢) أخرجه أحمد في «مسنده» ١/ ٢٥٥ (٢٣٠٣)، وعبد بن حميد في «مسنده» (٥٩٢)، وابن ماجه في «سننه» (٣٣٤٧)، والترمذي في «جامعه» (٢٣٦٠)، وفي «الشمائل» (١٤٥). وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح. وحسنه الألباني في «السلسلة الصحيحة» (٢١١٩).
(٣) أخرجه أبو موسى المديني مطولًا في كتاب استحلاء الموت، كما قال الحافظ العراقي في «تخريج الإحياء»، وأورده القاضي عياض في «الشفا» ١/ ١٤٢ - ١٤٣.=

<<  <  ج: ص:  >  >>