قُلْتَ لَا أَجِدُ مَا أَحْمِلُكُمْ عَلَيْهِ﴾ [التوبة: ٩٢]، وهو مريض. فقلنا له: جئناك زائرين وعائدين ومقتبسين. فقال عرباض: إن رسول الله ﷺ صلى بنا صلاة الغداة، ثم أقبل علينا فوعظنا موعظةً بليغة ذرفت منها العيون، ووجلت منها القلوب، فقال قائل: يا رسول الله، إن هذه موعظة مودع فما تعهد إلينا؟ قال:«أوصيكم بتقوى الله والسمع والطاعة وإن كان عبدًا حبشيًّا، فإنه من يعش منكم بعدي فسيرى اختلافًا كثيرًا، فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين من بعدي المهديين، عضوا عليها بالنواجذ، وإياكم ومحدثات الأمور، فإن كل بدعة ضلالة»(١).
في هذا الحديث علومٌ كثيرة لا يسع جهلها.
منها: أنه أمرهم بالسمع والطاعة لمن ولي عليهم من أسود أو أبيض، حر أو عبد، ولا يمكن طاعة إلا في المعروف، ولا طاعة لمخلوق في معصية المولى الرؤوف.
وأعلمهم أنه سيكون بعده اختلاف كثير بين الناس، فأمرهم بلزوم سنته وسنة صحابته، والخلفاء الراشدين ﵃ أجمعين؛ فمن وفقه الله تعالى لزم السنة، وخالف النفس والهوى، ومن خذله دخل في البدع؛ فضلَّ وغوى. وهذا الحديث من معجزاته ﷺ؛ لأنه أخبر عما يأتي من الحوادث والبدع.
وقد أمر أمته بأن يعضوا على سنته وسنة صحابته عند فساد أمته بالنواجذ؛ لينجوا غدًا من الأهوال والشدائد، والعض: هو التمسك الشديد لكي لا يفلت منه.
وحذرهم ﷺ من البدع وأعلمهم بأنها ضلالة.
فمن دخل في البدع فقد عصى الله تعالى، وخالف المبعوث بالرسالة. فمن خالف نبيه وإمامه تكون الجنة وراء ظهره والنار أمامه. فالجنة معدة لمن