للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

مكابرة العقول ومخالفة المنقول، ونسأله الحراسة من البدع، والعمل بما يقول.

فقد كان الصحابة إذا طرأ أمر وفيه مصلحة للمسلمين يتوقفون عن إمضائه خوفًا من البدعة، وهم القدوة المستضاء بنورهم، والهداة المهتدى بهداهم الذين (١) أدركتهم المنَّة، وشهد لهم النبي بالجنة: أبو بكر وعمر وغيرهم من الصحابة (٢)، وهم القدوة لمن اقتدى، والنجوم لمن اهتدى.

ومع ذلك كله كانوا يتحرزون من إحداث شيء حتى يستشيروا فيه غيرهم، ويجتمع عليه رأيهم.

روي عن زيد بن ثابت أنه قال: أرسل إلي أبو بكر بعد مقتل أهل اليمامة وإذا عمر جالس عنده، فقال أبو بكر الصديق: إن عمر أتاني فقال: إن القتل قد استحرَّ (٣) في أهل اليمامة في قراء المسلمين، وإني أخشى أن يستحر (٤) القتل في القراء فيذهب كثير من القرآن لا يوعى، وإني أرى أن تأمر من يجمع القرآن. فقلت لعمر: كيف أفعل شيئًا لم يفعله رسول الله ؟ فقال عمر: هو والله خير. قال: فلم يزل يراجعني حتى شرح الله صدري ورأيت الذي رآه عمر. قال زيد: [قال لي أبو بكر: إنك رجل شاب عاقل لا نتهمك وكنت تكتب الوحي


(١) في (ط): إذا.
(٢) أخرجه أحمد في «مسنده» ١/ ١٨٨ (١٦٣٧)، وأبو داود في «سننه» (٤٦٤٩)، وابن ماجه في «سننه» (١٣٣)، والترمذي في «جامعه» (٣٧٥٧)، والنسائي في «سننه الكبرى» (٨١٩٣) من حديث سعيد بن زيد ، قال: سمعت رسول الله يقول: «النبي في الجنة، وأبو بكر في الجنة، وعمر في الجنة، وعثمان في الجنة، وعلي في الجنة، وطلحة في الجنة، والزبير في الجنة، وعبد الرحمن بن عوف في الجنة، وسعد في الجنة». ولو شئت أن أسمي العاشر.
وصححه الألباني في «المشكاة» (٦١٠٩).
(٣) في (خ): استجر.
(٤) في (خ): يستجر.

<<  <  ج: ص:  >  >>