للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اعلم أن الرجل إذا فرط في حق الله تعالى، وفي حق الآدميين ثم تاب فإذا جيء به إلى الشرع يقول له: التوبة تسقط عنك ما بينك وبين الله من المخالفة، ويحبسه لأجل حق ابن آدم إن لم يهبه صاحب الدين، وكذلك إذا تاب الرافضي توبة نصوحًا؛ يتوب الله عليه، ويبقى على مقتضى الحديث إن صحَّ في ذمة الرافضي، ويبقى بين أمور ثلاث: إما أن يهبه الصدِّيق ما برز منه من الأشياء التي لا تليق؛ فهو ممن خصه الله تعالى بالكرم العميق، أو يؤخذ من حسناته وتدفع لأبي بكر الصديق؛ فإن نفدت حسناته فيؤخذ من سيئات غريمه، ويطرح عليه، ويلقى في النار ذات الحريق.

وكان شيخنا رحمة الله عليه يقول: إذا رضي الله تعالى عن عبدٍ أرضى عنه خصومه.

وفي الحديث: «إن الله سبحانه يري صاحب الدَّين قصرًا حسنًا في الجنة، فيقول صاحب الدَّين: يا رب هذا القصر لمن؟ فيقول الله سبحانه: هو لمن وهب دين أخيه، فيهبه، ويدخلان الجنة برحمة الله وكرمه» (١).


(١) أخرجه أبو يعلى في «مسنده» كما في «إتحاف الخيرة المهرة» للبوصيري (٨/ ٢٠٣)، والبخاري في «التاريخ الكبير» ٢/ ١/ ٤٥٩ إشارة، وابن أبي الدنيا في «حسن الظن بالله» (١١٨)، وابن أبي داود في «البعث» (٣٢)، والحاكم في «المستدرك» ٤/ ٥٧٦، والخرائطي في «مكارم الأخلاق» كما في «المغني عن حمل الأسفار» للعراقي ٢/ ١٩٩ من حديث أنس بن مالك ، قال: بينا رسول الله جالس إذ رأيناه ضحك حتى بدت ثناياه، فقال له عمر: ما أضحكك يا رسول الله بأبي أنت وأمي؟ قال: «رجلان من أمتي جثيا بين يدي رب العزة، فقال أحدهما يا رب، خذ لي مظلمتي من أخي. فقال الله للطالب: فكيف تصنع بأخيك ولم يبق من حسناته شيء؟ قال: يا رب، فليحمل من أوزاري». قال: وفاضت عينا رسول الله بالبكاء، ثم قال: «إن ذاك اليوم عظيم يحتاج الناس أن يحمل عنهم من أوزارهم، فقال الله تعالى للطالب: ارفع بصرك فانظر في الجنان. فرفع رأسه فقال: يا رب، أرى مدائن من ذهب وقصورًا من ذهب مكللة باللؤلؤ، لأي نبي هذا أو لأي صديق هذا أو لأي شهيد هذا؟ قال: هذا لمن أعطى الثمن. قال: يا رب ومن يملك ذلك؟ قال: أنت تملكه. قال بماذا؟ قال: بعفوك عن أخيك. قال: يا رب. فإني قد عفوت عنه. =

<<  <  ج: ص:  >  >>