(٢) أطلق بعض فقهاء الحنفية القول بأن صوت المرأة عورة، وبيَّن بعضهم أن المراد بذلك رفع صوتها وتزيينها، فقال ابن نُجيم في «البحر الرائق» ١/ ٢٨٢: … المراد بالنغمة ما فيه تمطيط وتليين لا مجرد الصوت، وإلا لما جاز كلامها مع الرجال أصلًا، لا في بيع ولا غيره، وليس كذلك، ولما كانت القراءة مظنة حصول النغمة معها ومنعت من تعلمها من الرجل، ويشهد لما قلنا ما في «إمداد الفتاح» عن خط شيخه العلامة المقدسي: ذكر الإمام أبو العباس القرطبي في كتابه «السماع»: ولا يظن من لا فطنة عنده أنا إذا قلنا: «صوت المرأة عورة»؛ أنا نريد بذلك كلامها؛ لأن ذلك ليس بصحيح، فإنا نجيز الكلام مع النساء الأجانب ومحاورتهن عند الحاجة إلى ذلك ولا نجيز لهن رفع أصواتهن، ولا تمطيطها ولا تليينها وتقطيعها، لما في ذلك من استمالة الرجال إليهن، وتحريك الشهوات منهم، ومن هذا لم يجز أن تؤذِّن المرأة. انتهى. وهذا يفيد أن العورة رفع الصوت الذي لا يخلو غالبًا عن النغمة، لا مطلق الكلام. (٣) أخرجه أحمد في «مسنده» ١/ ٢٢٩ (٢٠٣٠)، وأبو داود في «سننه» (٣٢٣٦)، وابن ماجه في «سننه» (١٥٧٥)، والترمذي في «جامعه» (٣٢٠)، والنسائي في «المجتبى» ٤/ ٩٤ (٢٠٤٣)، وفي «الكبرى» (٢١٧٠) من حديث ابن عباس بلفظ: لعن رسول الله ﷺ زائرات القبور والمتخذين عليها المساجد والسرج. قال الترمذي: حديث حسن. قال الألباني في «الضعيفة» (٢٢٥)، و «الإرواء» (٧٦١): ضعيف. والحديث صحيح كما قال المؤلف دون لفظه الأخير، فالفقرة الأولى صحَّت بلفظ: لعن رسول الله ﷺ زُوَّارات القبور؛ من حديث أبي هريرة ﵁ عند أحمد في «المسند» ١/ ٣٣٧ (٨٤٤٩)، وابن ماجه (١٥٧٦)، والترمذي (١٠٥٦)، وأبو يعلى (٩٥٠٨)، وابن حبان (٣١٧٨). ومن حديث حسان بن ثابت ﵁ عند أحمد ٢/ ٢٤٣ (١٥٦٥٧)، وابن ماجه (١٥٧٤)، والحاكم ١/ ٣٧٤، والبيهقي في «السنن» ٤/ ٧٨. وصححه الألباني في «أحكام الجنائز» ص ١٨٥. ولعن المتخذين المساجدَ على القبور: متواترٌ عنه ﷺ في «الصحيحين» وغيرهما من حديث عائشة، وابن عباس، وأبي هريرة، وزيد بن ثابت، وأبي عبيدة بن الجراح، وأسامة بن زيد ﵃. قال الألباني ﵀: وأما لعن المتخذين عليها السرج؛ فلم نجد في الأحاديث ما يشهد له، فهذا القدر من الحديث ضعيف.