للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بُنَيُّ كثيرٍ أَكولٌ نؤومٌ (١) … وما هذه صفاتُ (٢) من خافَ ربَّه

بُنَيُّ كثيرٍ يُعلِّمُ علمًا (٣) … لقد أعجز الصوفُ مَنْ جَزَّ كلبَه

بُنَيُّ كثيرٍ دَهَتْهُ اثنتان: … رياءٌ وعُجبٌ يخالطنَ قلبَه (٤)

ثم اعلم بأن الشِّبع الزائد أولُّ بدعة أُحدثت في الإسلام، فقد كانوا يجوعون من غير عوز؛ لما يرون فيه من اتباع النبي والصحابة والتابعين. وفيه مصالح الدنيا والآخرة، أما من جهة الدنيا فصحة الجسد،


(١) في (ق): نؤوم أكول.
(٢) في (ق، ب): تلك حالة.
(٣) في (ط): علمًا يقينًا.
(٤) ابن كثير هو الإمام أبو معبد عبد الله بن كثير الداري المكي (ت: ١٢٠ هـ)، أحد القراء السبعة، وكان قاضي الجماعة بمكة وفيها كان مولده ووفاته . وقد نسب إليه هذه الأبيات: العلامة أبو الحسين محمد بن عبد الله بن الحسن البصري، المعروف بابن اللبان الفرضي (ت: ٤٠٢ هـ)، فقال: أنشدنا أشياخُنا، عن عبد الله بن كثير، حين سأله أهل مكة أن يقرأهم القرآنَ بعد وفاة مجاهد ، فقال:
بُنَيُّ كثيرٍ كثيرُ الذُّنوبِ … ففي الحِلِّ والبِلِّ مَنْ كانَ سبَّهْ
بُنَيُّ كثيرٍ دَهَتْهُ اثنتان: … رياءٌ وعُجبٌ يُخالِطْنَ قلْبَهْ
بُنَيُّ كثيرٍ أَكولٌ نَؤُومٌ … وما ذاكَ مِنْ فِعْلِ من خافَ ربَّهْ
بُنَيُّ كثيرٍ يُعلِّمُ علمًا … لقَدْ أَعْوَزَ الصُّوفَ مَنْ جَزَّ كَلبَهْ
كذا في ترجمة ابن اللبَّان في «طبقات الفقهاء الشافعية» لابن الصلاح ١/ ١٨٤ (٣٥)، وفي «طبقات الفقهاء الشافعيِّين» لابن كثير الدمشقي ١/ ٣٥٧، وعلَّق عليه ابن كثير بقوله: «ويروي هذه الأبيات محمد بن كثير البغدادي، فالله أعلم».
قلتُ: هو المحدِّث محمد بن كثير بن أبي عطاء المِصِّيصي (ت: ٢١٦ هـ) ، وقد روى هذه الأبيات عنه ابن عساكر في «تاريخ مدينة دمشق» ٥٥/ ١٢٦ بإسناده إلى أبي منصور الحسن بن أحمد المعادي، قال: سمعت أبا عمران موسى بن العباس الجويني وهو نازل في دارنا، وكان يقوم الليل ويصلي، ثم يبكي طويلًا، وينشد أبياتًا، فسُئل عن تلك الأبيات التي ينشدها بالليل فقال: سمعت محمد بن عوف يقول: سمعت محمد بن كثير المصيصي يقول: .. فذكر الأبيات، ونقلها الذهبي في «سير أعلام النبلاء» ١٠/ ٣٨٢، وفي «تاريخ الإسلام» ٥/ ٤٥٠، ولفظها موافق لما عند ابن الصلاح وابن كثير، فيظهر من هذا أن المؤلف قد أوردها من حفظه بلفظ مقاربٍ، والله أعلم. (ت)

<<  <  ج: ص:  >  >>