للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قد اتَّخذوه معيشة حرامٍ، وجعلوه سببًا إلى استلاب الأموال واستحقاقها من غير حِلٍّ، ومصادرة الحجاج عليها، وضرب الذلة والمسكنة الدنيَّة عليهم، تلافاها الله عن قريب بتطهير يرفع هذه البدع المجحفة عن المسلمين بسيوف الموحدين، أنصار الدين، … » (١).

ويذكر ابن جُبير تعدُّد المحاريب والأئمة في المسجد الحرام، فيقول: «وللحرم أربعة أئمة سنية، وإمام خامس لفرقة تسمى الزيدية، وأشراف أهل هذه البلدة على مذهبهم، وهم يزيدون في الأذان: حي على خير العمل، إثر قول المؤذن: حي على الفلاح. وهم روافضُ سبَّابون، والله من وراء حسابهم وجزائهم، ولا يجمعون مع الناس إنما يصلون ظهرًا أربعًا، ويصلون المغرب بعد فراغ الأئمة من صلاتها. فأول الأئمة السنية الشافعي، وإنما قدمنا ذكره لأنه المقدَّم من الإمام العباسي، وهو أول من يصلي، وصلاته خلف مقام إبراهيم، وعلى نبينا الكريم، إلا صلاة المغرب فإن الأربعة الأئمة يصلونها في وقت واحد مجتمعين لضيق وقتها، يبدأ مؤذن الشافعي بالإقامة، ثم يقيم مؤذنو سائر الأئمة، وربما دخل في هذه الصلاة على المصلين سهوٌ وغفلةٌ لاجتماع التكبير فيها من كل جهة، فربما ركع المالكي بركوع الشافعي أو الحنفي، أو سلم أحدهم بغير سلام إمامه. فترى كلَّ أُذُنٍ مُصِيخَةٌ لصوت إمامِها، أو صوت مؤذِّنه مخافةَ السهو. ومع هذا فيحدث السَّهوُ على كثير من الناس. ثم المالكيُّ وهو يصلي قبالة الركن اليماني، ثم الحنفيُّ وصلاته قبالة الميزاب تحت حطيم مصنوع له. ثم الحنبلي وصلاته مع صلاة المالكي في حين واحد، موضع صلاته يقابل ما بين الحجر الأسود والركن اليماني … » (٢).


(١) «رحلة ابن جبير» ص: ٥٤، دار صادر، بيروت.
(٢) «رحلة ابن جبير» ٧٨. ويُراجع عن هذه البدعة وإنكار العلماء لها: رحلة القاسم بن يوسف التجيبي السَّبتي (ت: ٧٣٠ هـ): «مستفاد الرحلة والاغتراب»، و «إصلاح المساجد» للشيخ جمال الدين القاسمي، و «تاريخ عمارة المسجد الحرام» لحسين عبد الله باسلامة .

<<  <  ج: ص:  >  >>