للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

• مسألة في التعديل والتجريح:

"هل يُقبلان أو أحدهما من غير ذكر أسبابهما، أم لا يقبلان إلا مفسرين؟ " على أربعة أقوال (الأول) وهو الصحيح المشهور: التفرقة بين التعديل والتجريح فيقبل التعديل، من غير بيان أسبابه، لأن أسبابه كثيرة فيثقل ويشق ذكرها، وأما الجرح، فلا يقبل إلا مفسرًا مبين السبب؛ لأنه يحصل بأمر واحد، فلا يشق ذكره؛ ولأن الناس مختلفون في أسباب الجرح (١).

(والقول الثاني): عكسه أنه يجب بيان سبب العدالة ولا يجب بيان سبب الجرح؛ لأن أسباب العدالة يكثر التصنع فيها فيبني المعدلون على الظاهر، حكاه صاحب "المحصول" وغيره (٢).

(والقول الثالث): أنه لا بد من سبب العدالة والجرح معًا. حكاه الخطيب البغدادي والأصوليون قالوا: كما يجرح الجارح بما لا يقدح، كذلك يوثق المعدل بما لا يقتضي العدالة (٣).

(والقول الرابع): عكسُه، أنه لا يجب ذكر سبب واحد منهما إذا كان المعدل والجارح عالمًا بصيرًا وهو اختيار القاضي أبي بكر، ونقله عن الجمهور (٤) [سؤال] أورده أبو عمرو بن الصلاح في


= وهم مهما كثروا فإنهم لا يستطيعون شجب الجرح الذي أخبر به الجارح الثقة؛ لذا كان الأخذ بقول الجارح أرجح.
وأما عند تساوي المعدلين والمجرحين، فقيل:
أ - يقدم الجرح مطلقًا.
ب - يقدم الجرح إذا كان الجارحون أحفظ وأتقن من المعدلين.
الثالث: يصار إلى الترجيح بين التعديل والتجريح، لأنه إذا كان الجارح يخبر عن باطن الراوي فإن المعدل أيضًا بتعديله يخبر عن باطن الراوي إضافة إلى ظاهره، وهو لابن شعبان المالكي وهو رأي غريب.
أما عوامل الترجيح فهي:
أ - كثرة العدد.
ب - شدة الورع.
جـ - زيادة البصيرة.
فإذا لم نجد مرجحًا لواحد منهما قدمنا الجرح رجوعًا إلى الأصل زيادة في الحيطة لحديث الرسول .
(١) مقدمة ابن الصلاح (ص ٥٠، ٥١)، و"تدريب الراوي" (١/ ص ٣٠٤: ٣٠٨) وقال السيوطي: قال الحافظ: وهذا ظاهر مقرر في الفقه وأصوله. وذكر الخطيب أنه مذهب الأئمة من حفاظ الحديث كالشيخين وغيرهما. اهـ.
(٢) تدريب الراوي (١/ ٣٠٧) وقال: نقله إمام الحرمين، والغزالي والرازي في المحصول. اهـ.
(٣) تدريب الراوي (١/ ٣٠٨) ومثال ذلك: ما رواه يعقوب الفسوي في تاريخه قال: سمعت إنسانًا يقول لأحمد بن يونس: عبد الله بن عمر العمري ضعيف؟ قال: إنما يضعفه رافضي مبغض لآبائه، لو رأيت لحيته وهيئته لعرفت أنه ثقة، فاستدل على ثقته بما ليس بحجة؛ لأن حسن الهيئة يشترك فيها العدل وغيره. اهـ.
(٤) فائدة: قال السيوطي في "تدريبه" (١/ ٣٠٨) عند القول الرابع: وهذا اختيار القاضي أبو بكر ونقله عن الجمهور، واختاره إمام الحرمين والغزالي والرازي والخطيب، وصححه الحافظ أبو الفضل العراقي والبلقيني في "محاسن الاصطلاح". =

<<  <  ج: ص:  >  >>