(٢) قال صاحب "علم الجرح والتعديل" ص ٤١، ٤٢: فإذا تحقق التعارض بأن يجتمع في شخص جرح وتعديل في آن واحد، فلا يخلو إما أن يكون ذلك من إمام واحد، أو من إمامين مختلفين، ونحن نبين لك - فيما يأتي - كلا منهما. (أ) تعارض الجرح والتعديل من إمام واحد: يرجع تعارض الجرح والتعديل من إمام واحد إلى ثلاثة أسباب: أولها: تغير اجتهاد الإمام في الحكم، وعليه فإن الحكم على الراوي باتباع الآتي: أ - العمل بأخر القولين منه إن علم المتأخر منهما. ب - التوقف، وذلك عند عدم العلم بالمتأخر منهما. جـ - ترجيح التعديل، ويحمل الجرح على شيء بعينه. ثانيها: اختلاف كيفية السؤال. وذلك عند حكم الإمام على الراوي مقرونا بغيره من الرواة على وفق ما وجه إليه من السؤال، فإنهم لا يقصدون في هذه الحالة الإعلام بأنه ممن يحتج بحديثه ولا ممن يرد، وإنما ذلك بالنسبة لمن قرن معه، ينبغي تتبع أقوال أئمة الجرح والتعديل وحكايتها ليتبين ما لعله خفي على كثير من الناس. ثالثها: تحقيق ضبط اللفظ: بواسطة الشكل فرب صيغة يختلف الأمر فيها جرحا وتعديلا بالنظر إلى الاختلاف في ضبطها، وبتحديد ضبطها يتبين المراد منها إما جرحا وإما تعديلا. (ب) تعارض الجرح والتعديل من إمامين. المراد من تعارض الجرح والتعديل من إمامين في راو واحد هو استواء الظن عندهما فإذا لم يقع استواء الظن عندهما فلا تعارض بل يكون العمل بأقوى الظنين من جرح أو تعديل. وللعلماء عند تعارض الجرح والتعديل ثلاثة مذاهب: الأول: يقدم الجرح على التعديل مطلقا ولو كثر عدد المعدلين، وهو الراجح؛ لأن المعدل يخبر عما ظهر في حال الراوي، والجارح يخبر عن باطن خفي لم يطلع عليه المعدل، وهي زيادة علم يجب الأخذ بها؛ لأن في الأخذ بها تصديق لكل من الجارح والمعدل، والأخذ بقول المعدل وحده تكذيب للجارح، والجمع بين القولين أولى من تكذيب أحدهما، على أن التكذيب خلاف الظاهر. أما إذا كان الجرح مبهمًا غير مفسر قدم التعديل عليه. الثاني: يقدم التعديل على الجرح، وذلك عند كثرة المعدلين من الأئمة، والحجة عندهم أن الأصل في الراوي العدالة فإذا قويت بكثرة المعدلين دل ذلك على زيادة التحقيق من عدالته وتأكيدها، فيؤخذ بها، ولا يؤخذ بأقوال الجارحين لضعفها. وهو منازع بأن الجارح يخبر عن الباطن وهي زيادة يجب الأخذ بها، والمعدلون يخبرون عن الظاهر، =