للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

[والخامس] إن زكاه أحدٌ من أئمة الجرح والتعديل، مع رواية واحد عنه قُبل، وإلا فلا، وهو اختيار أبي الحسن القطان في كتاب "الوهم والإيهام" (١) قال محمد بن يحيى الذهلي: إذا روى عن المحدث رجلان ارتفع عنه اسم الجهالة.

وقال الخطيبُ: أقل ما ترتفع به الجهالة أن يروي عنه اثنان فصاعدًا من المشهورين بالعلم، إلا أنه لا يثبت له حكم العدالة بروايتهما. انتهى (٢).

وقد قدمت أنه يشترط في الاثنين الراويين عنه العدالةُ.

وقد تعقب ابنُ الصلاح كلام الخطيب برواية مرداس الأسلمي، وربيعة بن كعب الأسلمي إذ لم يرو عن كل واحد منهما إلا واحد، وفي هذا التعقب نظر (٣).

[والقسم الثاني] في أقسام المجهول: مجهول الحال في العدالة في الظاهر مع كونه معروف العين برواية عدلين عنه، وفيه أقوال.

(أحدها): قول الجمهور: أن روايته غير مقبولة.

(والثاني): القبول مطلقًا، وإن لم يقبل رواية القسم الأول. قال ابن الصلاح: وقد يَقبل رواية المجهول العدالة من لا يقبل رواية مجهول العين.

(والقول الثالثُ) إن كان الراويان أو الرواةُ عنه منهم من لم يرو عن غير عدل قُبل، وإلا فلا.

[والقسم الثالث] مجهول العدالة الباطنة وهو عدل في الظاهر، فهذا يحتج به بعض من رد القسمين الأولين (٤) وبه قطع سليم الرازي (٥).

قال ابن الصلاح: يشبه أن يكون العمل على هذا الرأي في كثير من كتب الحديث المشهورة في غير واحد من الرواة الذين تقادم العهد بهم وتعذرت الخبرة الظاهرة بهم.

ولما ذكر ابن الصلاح هذا القسم الأخير، قال: وهو المستور انتهى.

وقد صحح هذا غير ابن الصلاح من الشافعية.

قال البغوي: المستور من يكون عدلًا في الظاهر ولا تعرف عدالته باطنًا (٦).

وتبعه على ذلك الرافعي وحكى في الصوم وجهين في قبول رواية المستور من غير ترجيح.

وقال النوويُّ في "شرح المهذب": إن الأصح قبولُ روايته. انتهى (٧).

والمسألة طويلة، ويكفي هذا فيها، وقد انتهى بنا الغرض في المقدمة (٨)، وها أنا أشرع - إن شاء الله - في التراجم مستعينًا بالله، سائلًا منه التوفيق فأقول:-


(١) وهذا ما صححه أيضًا الحافظ ابن حجر. كذا قال السيوطي في "التدريب" (١/ ٣١٧).
(٢) المقدمة (ص ٥٤).
(٣) لأنهما صحابيان مشهوران، والصحابة كلهم عدول. قاله النووي في "التقريب".
(٤) كذا في هامش المخطوط والظاهر أن هذا غير موضعه. والله أعلم.
(٥) قال: لأن الإخبار مبني على حسن الظن بالراوي؛ ولأن رواية الأخبار تكون عند من يتعذر عليه معرفة العدالة في الباطن فاقتصر فيها على معرفة ذلك في الظاهر، بخلاف الشهادة فإنها تكون عند الحكام فلا يتعذر عليهم ذلك. اهـ. انظر تدريب الراوي (١/ ٣١٦).
(٦) المقدمة (ص ٥٣) وفيه: "الخبرة الباطنة".
(٧) "التقييد والإيضاح فيما أطلق وأغلق على ابن الصلاح" للعراقي: ص ١٤٠.
(٨) "التقييد والإيضاح": ص ١٤٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>