للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إِمَامًا﴾ وقوله: ﴿وَعَهِدْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ أَنْ طَهِّرَا بَيتِيَ لِلطَّائِفِينَ﴾ الآية، وسائر الآيات التي هي نظير ذلك كالبيان عن الكلمات التي ذكر الله أنه ابتلى بهنّ إبراهيم.

(قلت): والذي قاله أوّلًا من أنّ [١] الكلمات تشمل [٢] جميع ما ذكر، أقوى من هذا الذي جوّزه من قول مجاهد ومن قال مثله؛ لأن السياق يعطي غير ما قالوه، والله أعلم.

وقوله: ﴿قَال وَمِنْ ذُرِّيَّتِي قَال لَا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ﴾ قال [٣] لما جعل الله إبراهيم إمامًا، سأل الله أن تكون الأئمةُ من بعده من ذرّيته، فأجيب إلى ذلك، وأخبر أنه سيكون من ذريته ظالمون، وأنه لا ينالهم عهد الله، ولا يكونون أئمة فلا يقتدى بهم. والدليل على أنه أجيب إلى طلبته قوله تعالى في سورة العنكبوت: ﴿وَجَعَلْنَا فِي ذُرِّيَّتِهِ النُّبُوَّةَ وَالْكِتَابَ﴾ فكل نبي أرسله [٤] الله، وكل كتاب أنزله الله بعد إبراهيم، ففي ذرّيته صلوات الله وسلامه عليه.

وأما قوله تعالى: ﴿قَال لَا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ﴾ فقد اختلفوا في ذلك، فقال خصيف، عن مجاهد في قوله: ﴿قَال لَا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ﴾. قال: إنه سيكون في ذرّيتك ظالمون.

وقال ابن أبي نجيح عن مجاهد: ﴿قَال لَا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ﴾. قال: لا يكون لي إمام ظالم، وفي رواية لا اجعل إمامًا ظالما يقتدى به.

وقال سفيان، عن منصور، عن مجاهد في قوله تعالى: ﴿قَال لَا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ﴾. قال: لا يكون إمام ظالم يقتدى به.

وقال ابن أبي حاتم (٧٤٥)، حدثنا أبي، حدثنا مالك بن إسماعيل، أخبرنا [٥] شريك، عن منصور، عن مجاهد في قوله: ﴿وَمِنْ ذُرِّيَّتِي﴾ قال: أنا من كان منهم صالحًا فسأجعله [٦] إمامًا يقتدى به، وأما من كان ظالمًا، فلا، ولا نُعْمَةَ عين.

وقال سعيد بن جبير: ﴿لَا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ﴾: المراد به المشرك، لا يكون إمامَ ظالمٍ.

يقول: لا تكون إمام مشرك.

وقال ابن جريج: عن عطاء، قال: ﴿إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا قَال وَمِنْ ذُرِّيَّتِي﴾ فأبى أن يجعل من ذريته إمامًا ظالمًا قلت لعطاء: ما عهده؟ قال: أمره.


(٧٤٥) - تفسير ابن أبي حاتم برقم ١١٨٨ - (١/ ٣٦٥).