للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[تفسير سورة الحج وهي مدنية]

﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيءٌ عَظِيمٌ (١) يَوْمَ تَرَوْنَهَا تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى وَمَا هُمْ بِسُكَارَى وَلَكِنَّ عَذَابَ اللَّهِ شَدِيدٌ (٢)

يقول تعالى آمرًا عباده بتقواه، ومخبرًا لهم بما يستقبلون من أهوال يوم القيامة وزلازلها وأحوالها. وقد اختلف المفسرون في زلزلة الساعة، هل هي بعد قيام الناس من قبورهم يوم نشورهم إلى عَرَصات القيامة؟ أو ذلك عبارة عن زلزلة الأرض قبل قيام الناس من أجداثهم؟ كما قال تعالى: ﴿إِذَا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ زِلْزَالهَا (١) وَأَخْرَجَتِ الْأَرْضُ أَثْقَالهَا﴾ وقال تعالى: ﴿وَحُمِلَتِ الْأَرْضُ وَالْجِبَالُ فَدُكَّتَا دَكَّةً وَاحِدَةً (١٤) فَيَوْمَئِذٍ وَقَعَتِ الْوَاقِعَةُ﴾ وقال تعالى: ﴿إِذَا رُجَّتِ الْأَرْضُ رَجًّا (٤) وَبُسَّتِ الْجِبَالُ بَسًّا (٥) فَكَانَتْ هَبَاءً مُنْبَثًّا﴾ فقال قائلون: هذه الزلزلة كائنة في آخر عمر الدنيا، وأول أحوال الساعة.

وقال ابن جرير (١): حدثنا ابن بشار، حدثنا يحيى، حدثنا سفيان، عن الأعمش، عن إبراهيم، عن علقمة في قوله: ﴿إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيءٌ عَظِيمٌ﴾. قال: قبل الساعة. ورواه ابن أبي حاتم من حديث الثوري، عن منصور والأعمش، عن إبراهيم، عن علقمة، فذكره. قال: ورُوي عن الشعبي، وإبراهيم، وعبيد بن عمير، نحو ذلك.

وقال أبو كدينة عن عطاء، عن عامر الشعبي: ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ﴾ الآية.

قال: هذا في الدنيا قبل يوم القيامة.

وقد أورد الإمام أبو جعفر بن جرير (٢) مُسْتَنَدَ مَنْ قال ذلك في حديث الصُّور، من رواية إسماعيل بن رافع قاضي أهل المدينة، عن يزيد بن أبي زياد، عن رجل من الأنصار، عن محمد بن كعب القرظي، عن رجل، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله : "إن الله لما فرغ من خلق السماوات والأرض خلق الصور فأعطاه إسرافيل، فهو


(١) - تفسير ابن جرير (١٧/ ١٠٩).
(٢) - تفسير ابن جرير (١٧/ ١٠٩)، قال: حدثني سليمان بن عبد الجبار؛ قال: ثنا محمد بن الصلت قال: ثنا أبو كدينة به، فذكره.