يقول تعالى: ﴿الَّذِينَ كَفَرُوا﴾ أي: بآيات الله، ﴿وَصَدُّوا﴾ غيرهم ﴿عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ أَضَلَّ أَعْمَالهُمْ﴾ أي: أبطلها وأذهبها ولم يجعل لها جزاءً ولا ثوابًا، كقوله تعالى: ﴿وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُورًا﴾ ثم قال: ﴿وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ﴾ أي: آمنت قلوبهم وسرائرهم، وانقادت جوارحهم وبواطنهم [١] وظواهرهم، ﴿وَآمَنُوا بِمَا نُزِّلَ عَلَى مُحَمَّدٍ﴾، عطف خاص على عام، وهو دليل على أنه شرط في صحة الإِيمان بعد بعثته صلوات الله وسلامه عليه.
وقوله: ﴿وَهُوَ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ﴾ جملة معترضة حسنة، ولهذا قال: ﴿كَفَّرَ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَأَصْلَحَ بَالهُمْ﴾. قال ابن عباس: أي أَمَرَهم. وقال مجاهد: شأنهم. وقال قتادة وابن [٢] زيد: حالهم. والكل متقارب وقد جاء في حديث تشميت العاطس:"يهديكم الله، ويصلح بالكم"(١).
ثم قال تعالى: ﴿ذَلِكَ بِأَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا اتَّبَعُوا الْبَاطِلَ﴾ أي [٣]: [إنما أبطلنا أعمال الكفار. وتجاوزنا عن سيئات الأبرار، وأصلحنا شئونهم؛ لأن الذين كفروا اتبعوا الباطل، أي:][٤] اختاروا الباطل على الحق، ﴿وَأَنَّ الَّذِينَ آمَنُوا اتَّبَعُوا الْحَقَّ مِنْ رَبِّهِمْ كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ لِلنَّاسِ أَمْثَالهُمْ (٣)﴾ أي: يبين لهم مآل أعمالهم، وما يصيرون إليه في معادهم.
(١) - ورد من حديث أبي هريرة، رواه البخاري في كتاب الأدب من صحيحه (٦٢٢٤)، وأبو داود في كتاب الأدب برقم (٥٠٣٣).