منها فقد رخص كثير من السلف في روايته، وكثير من ذلك مما لا فائدة فيه، ولا حاصل له بما ينتفع به في الدين، أو كانت فائدته تعود على المكلفين في دينهم، لبينته هذه الشريعة الكاملة الشاملة.
والذي نسلكه في هذا التفسير الإعراض عن كثير من الأحاديث الإسرائيلية، لما فيها من تضييع الزمان، ولما اشتمل عليه كثير منها من الكذب المروج عليهم، فإنهم لا تفرفة عندهم بين صحيحها وسقيمها، كما حرره الأئمة الحفاظ المتقنون من هذه الأمة".
[منهج ابن كثير في نقد الإسرائيليات]
ومنهج ابن كثير في مهاجمة الإسرائيليات ذو جوانب متعددة، فقد يشير إليها بدون أن يذكرها، أو يذكرها منسوبة إلى بعض المفسرين، أو ينسبها إلى قائلها، مع مناقشته لها وبيان بطلانها.
وإليك بيان بعض جوانب هذا المنهج.
[١ - الإعراض عن ذكر الإسرائيليات]
يذكر ابن كثير في كثير من الآيات أنه قد قيل ها هنا إسرائيليات ضربنا عنها صفحًا، وقد علل وجهة نظره في عدم إيرادها بأن بعض الروايات يستحى من ذكرها، وبعضها الآخر لا يذكره خشية الإطالة، والروايات الإسرائيلية كلها باطلة غير صحيحة، ولا يرجي منها نفع أو خير.
وانظر أمثلة لهذا في تفسير الآية (٨١) من سورة القصص، والآية (٤) من الإسراء، والآية (٣٧) من الأحزاب.
والعجب أن يردد هذه الإسرائيليات مُفسر كبير كالطبري والزمخشري، والعجب أن يردده بعض الأساتذة المحدثين كما فعلت الدكتورة بنت الشاطئ في كتابها "نساء النبي" فضلًا عن المستشرقين الذين يكيدون للإسلام وأهله.
وها أنت ذا ترى ابن كثير يرد على هذا بأنها روايات باطلة لا يصح منها شيء.
قال الدكتور مصطفى زيد بصدد رده لهذه الإسرائيليات: "ولسنا ندري كيف تبلغ بهم الجرأة إلى حد الدفاع عن إسرائيليات لفقت قبل الطبري، واستغلال ما وقع فيه المرحوم الدكتور محمد حسين هيكل من أنه من وضع المستشرقين المبشرين؟ ثم لماذا يحتجون بمفسر كالزنحشري، لم يعرف بالحفظ والرواية في أمر يحتاج إليهما، ويغفلون مفسرًا حافظًا محدثًا هو الحافظ ابن كثير؟! ثم نقل النص الذي أوردناه عن ابن كثير سابقًا.