والحسن البصري، ومسروق بن الأجدع، وسعيد بن المسيب وأبو العالية، والربيع بن أنس، وقتادة، والضحاك بن مزاحم، وغيرهم، وهؤلاء تذكر أقوالهم في الآية فيقع في عبارتهم تباين في الألفاظ يحسبها من لا علم عنده اختلافًا فيحكيها أقوالًا، وليس كذلك، فإن منهم من يعبر عن الشيء بلازمه أو بنظيره، ومنهم في ينص على الشيء بعينه والكل بمعنى واحد في أكثر الأماكن، فليتفطن لذلك والله الهادي.
وأورد ابن كثير اعتراضًا ذكره شعبة بن الحجاج وغيره قال فيه: أقوال التابعين في الفروع ليست حجة، فكيف تكون حجة في التفسير؟! وأجاب ابن كثير -نقلًا عن ابن تيمية- يعني أنها لا تكون حجة على غيرهم ممن خالفهم، وهذا صحيح، أما إذا أجمعوا على الشيء فلا يرتاب في كونه حجة. فإن اختلفوا فلا يكون قول بعضهم حجة على قول بعض، ولا على من بعدهم. ويرجع في ذلك إلى لغة القرآن أو السنة، أو عموم لغة العرب، أو أقوال الصحابة في ذلك.
[٥ - لا يختص بالتفسير الرسول ﷺ أو السلف الصالح]
يتعرض ابن كثير قبل بحث هذا الأصل لموضوع تفسير القرآن بالرأي فيقول: فأما تفسير القرآن بمجرد الرأي فحرام، وذكر رواية عن ابن عباس عن النبي ﷺ:"من قال في القرآن برأيه، وبما لا يعلم فليتبوأ مقعده من النار" وبين أن هذا الحديث قد أخرجه الترمذي والنسائي وأبو داود وقال الترمذي: حديث حسن.
وروى ابن جرير عن جندب أن رسول الله ﷺ قال:"من قال في القرآن برأيه فقد أخطأ" وعلق ابن كثير على هذا الحديث فقال: وقد روى هذا الحديث أبو داود والترمذي والنسائي من حديث سهيل بن أبي حَزم القُطعي، وقال الترمذي: غريب.
وقد تكلم بعض أهل العلم في سهيل، وفي لفظ لهم:"من قال في كتاب الله برأيه فأصاب فقد أخطأ"، أي لأنه قد تكلف ما لا علم له به، وسلك غير ما أمر به. والله أعلم.
ثم يقول: "وهكذا سمى الله القذفة كاذبين فقال: ﴿فَإِذْ لَمْ يَأْتُوا بِالشُّهَدَاءِ فَأُولَئِكَ عِنْدَ اللَّهِ هُمُ الْكَاذِبُونَ﴾ فالقاذف كاذب. ولو كان قد قذف من زنى في نفس الأمر؛ لأنه أخبر بما لا يحل له الإخبار به، ولو كان أخبر بما يعلم؛ لأنه تكلف ما لا علم له به، والله أعلم.
ويذكر ابن كثير روايات كثيرة عن جماعة من السلف الصالح تفيد تحرجهم عن