قد تقدم الكلام على حروف الهجاء في أول "سورة البقرة"، وأن قوله: ﴿ن﴾ كقوله: ﴿ص﴾، ﴿ق﴾، ونحو ذلك من الحروف المقطعة في أوائل السور، وتحرير القول في ذلك بما أغنى عن إعادته. وقيل: المراد بقوله: ﴿ن﴾: حوت عظيم على تيار الماء العظيم المحيط، وهو حامل للأرضين السبع، كما قال الإِمام أبو جعفر بن جرير (١): حدثنا ابن بشار، حدثنا يحيى، حدثنا سفيان -هو الثوري- حدثنا سليمان -هو الأعمش- عن أبي ظبيان، عن ابن عباس قال: أول ما خلق اللَّه القلم قال: اكتب. قال: وما أكتب؟ قال: اكتب القدرَ. فجرى [١] بما يكون من ذلك اليوم إلى يوم قيام الساعة. ثم خلق "النون" ورفع بخار الماء، ففُتقت منه السماء، وبسطت الأرض على ظهر النون، فاضطرب النون فمادت الأرض، فأثبتت [٢] بالجبال، فإنها لتفخر [٣] على الأرض.
وكذا رواه ابن أبي حاتم، عن أحمد بن سنان، عن أبي معاوية، عن الأعمش، به [٤]. وهكذا رواه شعبة، ومحمد بن فُضَيل [٥]، ووكيع، عن الأعمش، به. وزاد شعبة في روايته: ثم قرأ: ﴿ن وَالْقَلَمِ وَمَا يَسْطُرُونَ﴾. وقد رواه شريك، عن الأعمش؛ عن أبي ظبيان [٦]-أو مجاهد- عن ابن عباس، فذكر نحوه. ورواه معمر، عن الأعمش: أن ابن عباس [قال .... فذكره][٧]، ثم قرأ: ﴿ن وَالْقَلَمِ وَمَا يَسْطُرُونَ﴾. ثم قال ابن
(١) تفسير الطبري (٢٩/ ١٤)، وفي التاريخ (١/ ١٧)، والحاكم وصححه (٢/ ٤٩٨)، والبيهقي في الأسماء والصفات (حديث ٨٠٤)، وفي السنن (٩/ ٣)، والآجري في الشريعة (١٧٨، ١٧٩)، وعزاه السيوطي في الدر المنثور (٦/ ٣٨٧). لعبد الرزاق، والفريابي، وسعيد بن منصور، وعبد بن حميد، وابن المنذر=