الذي ذكرنا عن عائشة عن رسول الله ﷺ أنه لم يكن يفسر من القرآن شيئًا إلا آيات تعد، وهو أنه لم يمكن يبين لأمته من تأويله إلا اليسير القليل منه.
هذا مع ما في الخبر الذي رُوي عن عائشة من العلة، التي في إسناده، التي لا يجوز الاحتجاج به لأحد ممن علم صحيح سند الآثار وفاسدها في الدين، لأن راويه ممن لا يعرف في أهل الآثار وهو جعفر بن محمد الزبيري".
ويوضح ابن كثير هذه العلة التي أشار إليها ابن جرير الطبري فيقول:
"إنه حديث منكر غريب، وجعفر هذا هو ابن محمد بن خالد بن الزبير بن العوام القرشي الزبيري. قال البخاري: لا يتابع في حديثه. وقال الحافظ أبو الفتح الأزدي: منكر الحديث".
وعلق على تأويل الطبري لحديث عائشة فقال: "وهذا تأويل صحيح لو صح الحديث، فإن من القرآن ما استأثر الله تعالى بعلمه، ومنه ما يعلمه العلماء، ومنه ما تعلمه العرب من لغاتها، ومنه ما لا يعذر أحد في جهالته كما صرح بذلك ابن عباس. قال:"التفسير على أربعة أوجه: وجه تعرفه العرب من كلامها، وتفسير لا يعذر أحد بجهالته، وتفسير يعلمه العلماء، وتفسير لا يعلمه أحد إلا الله".
[٦ - نقد الإسرائيليات]
عرض ابن كثير هذا الأصل كما فعل شيخه ابن تيمية، غير أنه فصل ووضح موقفه من الإسرائيليات بحيث يعتبر -في هذا الأصل- قد أضاف جديدًا.
لقد نقل ابن كثير عن كتب السنة الصحيحة في مواضع مختلفة من تفسيره- عدة أحاديث تفيد النهي الصريح عن الأخذ من أهل الكتاب.
فذكر عن الإمام أحمد، فيما رواه عبد الله بن ثابت قال:"جاء عمر إلى النبي ﷺ فقال: يا رسول الله، إني مررت بأخ لي يهودي من قريظة، فكتب لي جوامع من التوراة ألا أعرضها عليك؟ قال: فتغير وجه رسول الله ﷺ، قال عبد الله بن ثابت: قلت له: ألا ترى ما بوجه رسول الله ﷺ؟ فقال عمر: رضيت بالله ربًّا، وبالإسلام دينًا، وبمحمد رسولًا، قال: فسري عن النبي ﷺ وقال: "والذي نفسي بيده، لو أصبح فيكم موسى ﵇ ثم اتبعتموه وتركتموني لضللتم، إنكم حظي من الأمم، وأنا حظكم من النبيين".
وذكر عن الحافظ أبي يعلى فيما رواه عن جابر قال رسول الله ﷺ: "لا تسألوا أهل الكتاب عن شيء فإنهم لن يهدوكم وقد ضلوا، وإنكم إما أن تصدقوا بباطل