للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وحدثنا عبد الله بن المبارك، عن عبد العزيز بن أبي رواد قال: سمعت الضحاك بن مزاحم يقول: ما من أحد تعلم القرآن ثم نسيه إلا بذنب يحدثه؛ لأن الله تعالى يقول: ﴿وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيدِيكُمْ﴾ [الشورى: ٣٠] (٣١٥)، وإن نسيان القرآن من أعظم المصائب (٣١٦).

ولهذا قال إسحاق بن راهويه وغيره: يُكره لرجل أن يمر عليه أربعون يومًا لا يقرأ فيها القرآن، كما أنه يُكره له أن يقرأ في أقل من ثلاثة أيام، كما سيأتي هذا، حيث يذكره البخاري بعد هذا، وكان الأليق أن يتبعه هذا الباب، ولكن ذكر بعد هذا قوله:

[القراءة على الدابة]

حدثنا حجاج، حدثنا شعبة، أخبرني أبو إياس قال: سمعت عبد الله بن مغفل، ، قال: رأيت رسول الله يوم فتح مكة وهو يقرأ على راحلته سورة الفتح (٣١٧).

وهذا الحديث قد أخرجه الجماعة سوى ابن ماجة من طرق، عن شعبة، عن أبي إياس، وهو معاوية بن قرة، به (٣١٨)، وهذا -أيضًا- له تعلق بما تقدم من تعاهد القرآن وتلاوته سفرًا وحضرًا، ولا يكره ذلك عند أكثر العلماء إذا لم يتله القارئ في الطريق.

وقد نقله ابن أبي داود عن أبي الدرداء أنه كان يقرأ في الطريق، وقد روى عن عمر بن عبد العزيز أنه أذن في ذلك، وعن الإمام مالك أنه كره ذلك، كما قال ابن أبي داود:

وحدثني أبو الربيع، أخبرنا ابن وهب قال: سألت مالكا عن الرجل يصلي من آخر الليل، فيخرج إلى المسجد، وقد بقي من السورة التي كان يقرأ منها شيء، فقال: ما اعلم القراءة تكون في الطريق.

وقال الشعبي: تكره قراءة القرآن في ثلاثة مواطن: في الحمام، وفي الحشوش، وفي بيت الرحى وهي تدور. وخالفه في القراءة في الحمام كثير من السلف: أنها لا تكره، وهو مذهب مالك والشافعي و إبراهيم النخعي وغيرهم، وروى ابن أبي داود عن علي بن أبي طالب: أنه كره


(٣١٥) -[الشورى: ٣٠].
(٣١٦) - فضائل القرآن (ص ٢٠٢)، وابن المبارك في الزهد (٨٥)، ووكيع في الزهد (٩٥)، وابن أبي شيبة (١٠/ ٤٧٨ - ٤٧٩)، وابن أبي حاتم في تفسيره، والبيهقي في الشعب (١٨١٣ هـ).
(٣١٧) - رواه البخاري في فضائل القرآن، باب: القراءة على الدابة برقم (٥٠٣٤).
(٣١٨) - رواه مسلم في صلاة المسافرين وقصرها، برقم ٢٣٧ - (٧٩٤)، وأبو داود في الصلاة، باب: استحباب الترتيل في القراءة برقم (١٤٦٧)، والترمذي في الشمائل، باب: قراءة الرسول، برقم (٣١٢)، والنسائي في الكبرى برقم (٨٠٦٢).