للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المقدس والكعبةُ بين يديه، فلما قدم المدينة وَجَّه (٦٧٥) إلي بيت المقدس ستة عشر شهرًا، أو سبعة عشر شهرًا، ثم صرفه الله الي الكعبة بَعْدُ، ولهذا يقول تعالى: ﴿وَلِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ فَأَينَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ﴾.

قال أبو عبيد القاسم بن سلام (٦٧٦) في كتاب "الناسخ والمنسوخ": حدثنا حجاج بن محمد، أخبرنا ابن جريج، وعثمان بن عطاء، عن عطاء، عن ابن عباس؛ قال: أول ما نسخ لنا من القرآن فيما ذكر لنا -والله أعلم- شأنُ القبلة، قال الله تعالى: ﴿وَلِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ فَأَينَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ﴾ فاستقبل رسول الله فصلى نحو بيت المقدس، وترك البيت العتيق، ثم [صرفه الله إلي بيته العتيق ونسخها] [١]. فقال: ﴿وَمِنْ حَيثُ خَرَجْتَ فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيثُ مَا كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ﴾.

وقال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قال: كان أول ما نسخ من القرآن القبلة. وذلك أن رسول الله، ، لما هاجر إلي المدينة -وكان أهلها اليهود- أمره الله أن يستقبل بيت المقدس؛ ففرحت اليهود، فاستقبلها رسول الله، ، بضعةَ عَشَرَ شهرًا، وكان رسول الله، ، يحب قبلة إبراهيم، فكان يدعو وينظر إلى السماء، فأنزل الله ﴿قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ﴾ إلي قوله: ﴿فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ﴾ فارتاب من ذلك اليهود، وقالوا: ﴿مَا وَلَّاهُمْ عَنْ قِبْلَتِهِمُ الَّتِي كَانُوا عَلَيهَا﴾ [فأنزل الله] [٢]: ﴿قُلْ لِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ﴾ وقال: ﴿فَأَينَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ﴾.

وقال عكرمة، عن ابن عباس: ﴿فَأَينَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ﴾، قال: قبلة الله أينما توجهت شرقًا أو غربًا. وقال مجاهد: ﴿فَأَينَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ﴾ حيثما كنتم فلكم قبلة تستقبلونها: الكعبة.


(٦٧٥) - وَجَّه إلى الشيء: توجه، بمعنى وجهه إليه.
(٦٧٦) - الناسخ والمنسوخ رقم (٢١)، ورواه ابن أبي حاتم في تفسيره (١/ ٣٤٦) من طريق حجاج بن محمد به، ورواه الحاكم في المستدرك (٢/ ٢٦٧) من طريق ابن جريج، عن عطاء، به. وقال: "هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه بهذا السياق".
نقول: عطاء هو الخراساني -كما هو موجود في الناسخ والمنسوخ- وعطاء الخراساني: لم يسمع من ابن عباس- العلائي ص ٢٣٨ - وقال يحيى بن سعيد: ابن جريج، عن عطاء الخراساني: ضعيف، إنما هو كتاب دفعه إليه- العلائي ص ٢٣٠ - وابن جريج متابع من عثمان بن عطاء إلا أن عثمان ضعيف.