للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الْيَهُودُ لَيسَتِ النَّصَارَي عَلَي شَيءٍ وَقَالتِ النَّصَارَي لَيسَتِ الْيَهُودُ عَلَي شَيءٍ وَهُمْ يَتْلُونَ الْكِتَابَ كَذَلِكَ قَال الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ مِثْلَ قَوْلِهِمْ فَاللَّهُ يَحْكُمُ بَينَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِيمَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ (١١٣)

يبين تعالي اغترار اليهود والنصاري بما هم فيه؛ حيث ادّعت كل طائفة من اليهود والنصاري: أنه لن يدخل الجنة إلا من كان على ملتها، كما أخبر الله عنهم في سورة المائدة أنهم قالوا: ﴿نَحْنُ أَبْنَاءُ اللَّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ﴾. فأكذبهم الله تعالى بما أخبرهم أنه معذبهم [١] بذنوبهم، ولو كانوا كما ادّعوا لما كان الأمر كذلك، وكما تقدّم من دعواهم: أنه لن تمسهم النار إلا أيامًا معدودة، ثم ينتقلون إلي الجنة، وردّ عليهم تعالي في ذلك، وهكذا قال لهم في هذه الدعوى التي ادّعَوْها [٢] بلا دليل، ولا حجة، ولا بينة فقال: ﴿تلك أمانيهم﴾.

وقال أبو العالية: أماني: تمنَّوْها علي الله بغير حق. وكذا قال قتادة، والربيع بن أنس.

ثم قال تعالى: ﴿قل﴾ أي: يا محمد، ﴿هاتوا برهانكم﴾.

قال أبو العالية، ومجاهد، والسدي، والربيع بن أنس: حجتكم. وقال قتادة: بيِّنتكم علي ذلك ﴿إن كنتم صادقين﴾ أي [٣] فيما [٤] تدعونه.

ثم قال تعالى: ﴿بَلَى مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ﴾ أي: من أخلص العمل لله وحده لا شريك له، كما قال تعالى: ﴿فَإِنْ حَاجُّوكَ فَقُلْ أَسْلَمْتُ وَجْهِيَ لِلَّهِ وَمَنِ اتَّبَعَنِ﴾. الآية.

وقال أبو العالية والربيع: ﴿بَلَى مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ﴾. يقول: من أخلص لله.

وقال سعيد بن جبير: ﴿بَلَى مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ﴾: أخلص ﴿وجهه﴾، قال: دينه ﴿وهو محسن﴾ أي: متبع [٥]، فيه الرسولَ، ، فإن للعمل المتقبل شرطين: أحدَهما [٦] أن يكون خالصًا لله وحده، والآخر: أن يكون صوابًا موافقًا للشريعة، فمتي كان خالصًا، ولم يكن صوابًا لم يتقبل؛ ولهذا قال [رسول الله] [٧] : "من عمل عملًا ليس عليه أمرنا فهو ردّ" رواه مسلم من حديث عائشة، عنه، .


[١]- في خ: "يعذبهم".
[٢]- في خ: "ادعو".
[٣]- سقط من: خ.
[٤]- في ز، خ: كما.
[٥]- في ت: "يتبع".
[٦]- مكررة في خ.
[٧]- سقط من: خ.