للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قبلهم بكرامته، وثوابه الجزيل، ومعونته لهم.

وقال الربيع بن أنس: ﴿مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ﴾ من قبل أنفسهم.

وقال أبو العالية: ﴿مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْحَقُّ﴾ من بعد ما تبين لهم [١] أن محمدًا رسول الله يجدونه مكتوبًا عندهم في التوراة والإنجيل، فكفروا به حسدًا، وبغيًا؛ إذ كان من غيرهم، وكذا قال قتادة، والربيع بن أنس، والسدي.

وقوله تعالى: ﴿فَاعْفُوا وَاصْفَحُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ﴾ مثل قوله تعالى: ﴿وَلَتَسْمَعُنَّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا أَذًى كَثِيرًا وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ﴾ الآية.

و [٢] قال علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس (٦٦٣) في قوله: ﴿فَاعْفُوا وَاصْفَحُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ﴾ نَسَخَ ذلك قولُه: ﴿فَاقْتُلُوا [٣] الْمُشْرِكِينَ حَيثُ وَجَدْتُمُوهُمْ﴾ وقولُه: ﴿قَاتِلُوا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ﴾ إلى قوله: ﴿وَهُمْ صَاغِرُونَ﴾ فَنَسَخَ هذا عفوَهُ عن المشركين، وكذا قال أبو العالية، والربيع بن أنس، وقتادة، والسدي: إنها منسوخة بآية السيف، ويرشد إلى ذلك أيضًا قوله تعالى: ﴿حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ﴾.

وقال ابن أبي حاتم (٦٦٤)، حدثنا أبي، حدثنا أبو اليمان، أخبرنا شعيب، عن الزهري، أخبرني عروة بن الزبير: أن أسامة بن زيد أخبره قال: كان رسول الله وأصحابه يعفون عن المشركين، وأهل الكتاب، كما أمرهم الله، ويصبرون على الأذى قال الله: ﴿فَاعْفُوا وَاصْفَحُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيءٍ قَدِيرٌ﴾ وكان رسول الله يتأول من العفو ما أمره [٤] الله به، حتى أذن الله فيهم بالقتل [٥]، فقتل الله به من قتل من صناديد قريش. وهذا إسناده صحيح، ولم أره في شيء من الكتب الستة [ولكن له أصل في الصحيحين (٦٦٥) عن أسامة بن زيد] [٦].


(٦٦٣) - رواه ابن جرير برقم ١٧٩٦ - (٢/ ٥٠٣).
(٦٦٤) - إسناده صحيح، والحديث في تفسير ابن أبي حاتم ١٠٩٥ - (١/ ٣٣٣).
(٦٦٥) - رواه البخاري في التفسير حديث (٤٥٦٦). وفي الأدب برقم (٦٢٠٧)، ورواه مسلم برقم (١٧٩٨).