للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الزَّكَاةَ وَمَا تُقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (١١٠)

يحذر تعالى عباده المؤمنين عن سلوك طريق الكفار من أهل الكتاب، ويُعْلِمُهم بعداوتهم لهم في الباطن والظاهر [١]، وما هم مشتملون عليه من الحسد للمؤمنين، مع علمهم بفضلهم، وفضل نبيهم، ويأمر عبادَهُ المؤمنين بالصفح والعفو، أو [٢] الاحتمال حتى يأتي أمر الله من النصر، والفتح. ويأمرهم بإقامة الصلاة، وإيتاء الزكاة، ويحثهم على ذلك، ويرغبهم فيه، كما قال محمد بن إسحاق: حدّثني محمد بن أبي محمد (٦٦٠)، عن سعيد بن جبير، أو عكرمة، عن ابن عباس قال: كان حُيَي بن أخطب، وأبو ياسر بن أخطب من أشد يهود للعرب حسدًا، إذ خصهم الله برسوله، ، وكانا جاهدين في ردّ الناس عن الإسلام ما استطاعا، فأنزل الله فيهما: ﴿وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُمْ﴾ الآية.

وقال عبد الرزاق (٦٦١)، عن معمر، عن الزهري، في قوله تعالى: ﴿وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ﴾ قال: هو كعب بن الأشرف.

وقال ابن أبي حاتم (٦٦٢): حدثنا أبي، حدثنا أبو اليمان، أخبرنا شعيب، عن الزهري، أخبرني عبد الرحمن بن عبد الله بن كعب بن مالك، عن أبيه، أن كعب بن الأشرف اليهودي كان شاعرًا، وكان يهجو النبيَّ صلى الله عليه ويمملم، وفيه [٣] أنزل الله ﴿وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُمْ﴾ إلى قوله: ﴿فَاعْفُوا وَاصْفَحُوا﴾.

وقال الضحاك، عن ابن عباس: أن رسولًا أميًّا يخبرهم بما في أيديهم من الكتب والرسل والآيات، ثم يصدق بذلك كله مثل تصديقهم، ولكنهم جحدوا ذلك كفرًا، وحسدًا، وبغيًا، وكذلك قال الله تعالى: ﴿كُفَّارًا حَسَدًا مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْحَقُّ﴾ يقول: من بعد ما أضاء لهم الحق، لم يجهلوا منه شيئًا، ولكن الحسد حملهم على الجحود، فعيرهم ووبخهم، ولامهم أشدَّ الملامة، وشرع لنبيه وللمؤمنين ما هم عليه من التصديق والإيمان، والإقرار بما أنزل الله عليهم، وما أنزل من


(٦٦٠) - إسناده ضعيف، وهو عند ابن جرير (١٧٨٨)، وهو في السيرة لابن هشام ٢/ ١٩٧).
(٦٦١) - تفسير عبد الرزاق (١/ ٥٥).
(٦٦٢) - إسناده صحيح، والحديث عند ابن أبي حاتم ١٠٩٠ - (١/ ٣٣١ - ٣٣٢).