للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إدريس، ثم قال:

حدثنا [١] أبو كريب وأبو السائب؛ قالا: حدثنا ابن إدريس، حدثنا عبد الملك، عن سعيد بن جبير؛ قال: عدَّ [٢] ابن عباس وقال: الأب: ما أنبتت الأرض للأنعام. هذا لفظ أبي كريب وقال أبو السائب: ما أنبتت الأرض مما يأكل الناس وتأكل الأنعام.

وقال العوفي عن ابن عباس: الأب: الكلأ والمرعى. وكذا قال مجاهد والحسن، وقتادة وابن زيد وغير واحد.

وقال أبو عبيد القاسم بن سلام (١٢): حدثنا محمد بن يزيد، حدثنا العوام بن حَوشب، عن إبراهيم التَّيمي؛ قال: سُئِل أبو بكر الصديق عني قوله تعالى: ﴿وَفَاكِهَةً وَأَبًّا﴾ فقال: أي سماء تظلني وأي أرض تقلني إن قلتُ في كتاب الله ما لا أعلم.

وهذا منقطع بين إبراهيم التيمي والصديق. فأمَّا ما رواه ابن جرير (١٣) حيث قال:

حدثنا ابن بشار، حدثنا إلي أبي عَدي، حدثنا حُمَيد، عن أنس؛ قال: قرأ عمر بين الخطاب ﴿عَبَسَ وَتَوَلَّى﴾ فلما أتى علي هذه الآية: ﴿وَفَاكِهَةً وَأَبًّا﴾ قال: قد [٣] عرفنا ما الفاكهة؛ فما الأب؟ فقال: لعمرك يا بن الخطاب إن هذا لهو التكلف.

فهو إسناد صحيح، وقد رواه غير واحد عن أنس (١٤)، به. وهو محمول على أنه أراد أن يعرف شكله وجنسه وعينه، وإلا فهو وكل من قرأ هذه الآية يعلم أنه من نبات الأرض، لقوله: ﴿فَأَنْبَتْنَا فِيهَا حَبًّا (٢٧) وَعِنَبًا وَقَضْبًا (٢٨) وَزَيتُونًا وَنَخْلًا (٢٩) وَحَدَائِقَ غُلْبًا (٣٠) وَفَاكِهَةً وَأَبًّا﴾ وقوله: ﴿مَتَاعًا لَكُمْ وَلِأَنْعَامِكُمْ﴾، أي: عيشة لكم ولأنعامكم في هذه الدار إلي يوم القيامة.

﴿فَإِذَا جَاءَتِ الصَّاخَّةُ (٣٣) يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ (٣٤) وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ (٣٥) وَصَاحِبَتِهِ


(١٢) أخرجه أبو عبيد في "فضائل القرآن" (ص ٣٧٥).
(١٣) أخرجه الطبري (٣٠/ ٥٩).
(١٤) أخرجه أبو عبيد في فضائل القرآن (ص ٣٧٥) من طريق حميد. وأخرجه البخاري في كتاب: الاعتصام، باب: ما يكره من كثرة السؤال … ، حديث (٧٢٩٣) (١٣/ ٢٦٤ - ٢٦٥) من طريق حماد بن زيد، عن ثابت، عن أنس، فأخرج منه قول عمر : "نهينا عن التكلف". قال الحافظ في الفتح (١٣/ ٢٧٠ - ٢٧١): هكذا أورده مختصرًا، وذكر الحميدي أنه جاء في رواية أخرى عن ثابت عن أنس أن عمر قرأ ﴿وَفَاكِهَةً وَأَبًّا﴾ … الحديث -نحو حديث الطبري وأبي عبيد- ثم قال: وهذا أولى أن يكمل به الحديث الذي أخرجه البخاري. ا هـ.