للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَبَنِيهِ (٣٦) لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ (٣٧) وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ مُسْفِرَةٌ (٣٨) ضَاحِكَةٌ مُسْتَبْشِرَةٌ (٣٩) وَوُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ عَلَيهَا غَبَرَةٌ (٤٠) تَرْهَقُهَا قَتَرَةٌ (٤١) أُولَئِكَ هُمُ الْكَفَرَةُ الْفَجَرَةُ (٤٢)

قال ابن عباس: ﴿الصَّاخَّةُ﴾ اسم من أسماء يوم القيامة، عظمه الله وحذره عباده.

قال ابن جرير: لعله اسم للنفخة [١] في الصور. وقال البغَويّ: ﴿الصَّاخَّةُ﴾. يعني صيحة القيامة، سميت بذلك لأنها تَصُخّ الأسماع، أي: تبالغ في إسماعها حتى تكاد تُصمّها.

﴿يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ (٣٤) وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ (٣٥) وَصَاحِبَتِهِ وَبَنِيهِ﴾، أي: يراهم، ويفر منهم، ويبتعد [٢] عنهم؛ لأن الهول عظيم، والخطب جليل.

قال عكرمة: يلقى الرجل زوجته فيقول لها: يا هذه، أيّ بعل كنتُ لك؟ فتقول: نعم البعل كنتَ! وتثني بخير ما استطاعت، فيقول لها: فإني أطلب إليك اليومَ حسنةً واحدةً تهبينها [٣] لي لعلي أنجو مما ترين [٤]. فتقول له: ما أيسر ما طلبتَ، ولكني لا أطيق أن أعطيك شيئًا أتخوف مثل الذي تخاف. قال: وإن الرجل ليلقى ابنه فيتعلق [٥] به يقول: يا بني، أيّ والد كنتُ لك؟ فيثني بخير. فيقول له: يا بني؛ إني احتجت إلى مثقال ذرة من حسناتك لعلي أنجو بها مما ترى. فيقول ولده: يا أبت، ما أيسر ما طلبت، ولكني أتخوف مثل الذي تتخوف، فلا أستطيع أن أعطيك شيئًا. يقول الله تعالى: ﴿يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ (٣٤) وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ (٣٥) وَصَاحِبَتِهِ وَبَنِيهِ﴾.

وفي الحديث الصحيح (١٥) - في أمر الشفاعة- أنه إذا طلب إلى كل من أولي العزم أن يشفع عند الله في الخلائق، يقول: نفسي نفسي، لا أسأله اليوم إلا نفسي، حتى إن عيسى ابن مريم يقول: لا أسأله اليومَ إلا نفسي، لا أسأله مريم التي ولدتني؛ ولهذا قال تعالى: ﴿يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ (٣٤) وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ (٣٥) وَصَاحِبَتِهِ وَبَنِيهِ﴾.


(١٥) تقدم تخريجه في تفسير سورة الإسراء آية: ٧٩.