للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الحسن [١] بن سليمان -وهو أبو الشعثاء الحضرمي، شيخ مسلم-، حدثنا أبو معاوية قال: سمعتُ الأعمش يقول: تروح إلينا جني، فقلت له: ما أحب الطعام إليكم؟ فقال: الأرز. قال: فأتيناهم به، فجعلت أرى اللقم ترفع ولا أرى أحدًا. فقلت: فيكم من هذه الأهواء التي فينا؟ قال: نعم. قلت: فما الرافضة فيكم؟ قال: شرنا. عرضت هذا الإسناد على شيخنا الحافظ أبي الحجاج المزي فقال: هذا إسناد صحيح إلى الأعمش.

وذكر الحافظ ابن عساكر (٤) في ترجمة العباس بن [٢] أحمد الدمشقي قال: سمعتُ بعض الجنّ، [وأنا في منزلي] [٣] بالليل ينشد:

قُلوبٌ بَرَاها الحبّ حَتى تعلَّقت … مَذَاهبُها في كُلّ غَرب وشَارقِ

تَهيم بحب الله، والله رَبُّها … مُعَلَّقة بالله دُونَ الخَلائقِ

وقوله: ﴿وَأَنَّا ظَنَنَّا أَنْ لَنْ نُعْجِزَ اللَّهَ فِي الْأَرْضِ وَلَنْ نُعْجِزَهُ هَرَبًا﴾، أي: نعلم أن قدرة الله حاكمة علينا، وأنا لا نعجزه في الأرض، ولو أمعنا في الهرب، فإنه علينا قادر، لا يعجزه أحد منا.

﴿وَأَنَّا لَمَّا سَمِعْنَا الْهُدَى آمَنَّا بِهِ﴾: يفتخرون بذلك، وهو مفخرٌ لهم، وشرفٌ رفيعٌ، وصفةٌ حسنةٌ.

وقولهم: ﴿فَمَنْ يُؤْمِنْ بِرَبِّهِ فَلَا يَخَافُ بَخْسًا وَلَا رَهَقًا﴾، قال ابن عباس، وقتادة، وغيرهما: فلا يخاف أن يُنقَص من حسناته، أو يحمل عليه غير [٤] سيئاته، كما قال تعالى: ﴿فَلَا يَخَافُ ظُلْمًا وَلَا هَضْمًا﴾.

﴿وَأَنَّا مِنَّا الْمُسْلِمُونَ وَمِنَّا الْقَاسِطُونَ﴾، أي: منا المسلم ومنا القاسط، وهو: الجائر عن الحق الناكب عنه، بخلاف المقسط فإنه العادل، ﴿فَمَنْ أَسْلَمَ فَأُولَئِكَ تَحَرَّوْا رَشَدًا﴾، أي: طلبوا [٥] لأنفسهم النجاة. ﴿وَأَمَّا الْقَاسِطُونَ فَكَانُوا لِجَهَنَّمَ حَطَبًا﴾ أي: وقودًا تُسعر بهم.

وقوله: ﴿وَأَلَّو اسْتَقَامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ لَأَسْقَينَاهُمْ مَاءً غَدَقًا (١٦) لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ﴾: اختلف المفسرون في معنى هذا على قولين:

أحدِهما: وأن لو استقام القاسطون على طريقة الإسلام وعدلوا إليها واستمروا عليها،


(٤) أخرجه ابن عساكر في تاريخ دمشق (٨/ ٨٨٧ مخطوط).