وسلم - على بيعة النساء، وذلك قبل أن يفرض الحرب، على ألا نشرك بالله شيئًا، ولا نسرق، ولا نزني، ولا نقتل أولادنا، ولا نأتي ببهتان نفتريه بين أيدينا وأرجلنا، ولا نعصيه في معروف. وقال [١]: "فإن وَفَيتُمْ فلكم الجنة". رواه ابن أبي حاتم.
وقد روى ابن جرير (٥٣) من طريق العوفي، عن ابن عباس: أن رسول الله ﷺ أمر عمر بن الخطاب فقال: "قل لهن: إن رسول الله يبايعكن على أن لا تشركن بالله شيئًا". وكانت هند بنة عتبة بن ربيعة التي شقت بطن حمزة مُنَكرة في النساء، فقالت: إني [٢] إن أتكلم يعرفني، وإن عرفني قتلني. وإنما تنكرت فِرقًا من رسول الله ﷺ فسكت النسوة اللاتي مع هند [٣]، وأبَيْنَ أن يتكلمن فقالت [٤] هند وهي مُنكرة: كيف يقبل من النساء شيئًا لم يقبله من الرجال؟ ففطن إليها رسول الله وقال لعمر:"قل لهن: ولا تسرقن". قالت هند: والله إني لأصيب من أبي سفيان الهَنَات، ما أدري أيحلهن لي أم لا؟ قال أبو سفيان: ما أصبت من شيء مضى أو قد بقي، فهو لك حلال. فضحك رسول الله ﷺ وعرفها، فدعاها فأخذت بيده [٥]، فعاذت به، فقال:"أنت هند"؟ فقالت [٦]: عفا الله عما سلف فصرف عنها رسول الله ﷺ فقال: "ولا تزنين"، فقالت: يا رسول الله، وهل تزني الحرة؟ قال:"لا، والله ما تزني الحرة". فقال: ﴿وَلَا يَقْتُلْنَ أَوْلَادَهُنَّ﴾. قالت هند: أنت قتلتهم يوم بدر، فأنت وهم أبصر قال: ﴿وَلَا يَأْتِينَ بِبُهْتَانٍ يَفْتَرِينَهُ بَينَ أَيدِيهِنَّ وَأَرْجُلِهِنَّ﴾ قال: ﴿وَلَا يَعْصِينَكَ فِي مَعْرُوفٍ﴾. قال: منعهن أن يَنُحْنَ، وكان أهل الجاهلية يمزقن الثياب ويخدشن الوجوه، ويقطعن الشعور، ويدعون بالثبور. والثبور: الويل.
وهذا أثر غريب، وفي بعضه نكارة، والله أعلم. فإن أبا سفيان وامرأته لما أسلما لم يكن رسول الله ﷺ يخيفهما، بل أظهرا الصفاء والود له، وكذلك كان الأمر من جانبه ﵇ لهما.
وقال مقاتل بن حيان: أنزلت هذه الآية يوم الفتح، فبابع رسول الله ﷺ الرجال [٧] على الصفا، وعمر يبايع النساء [٨] تحتها عن رسول الله ﷺ فذكر بقيته كما تقدم وزاد: فلما قال: ﴿وَلَا يَقْتُلْنَ أَوْلَادَهُنَّ﴾ قالت هند:
(٥٣) - أخرجه الطبري (٧٨/ ٢٨) وإسناده لا تقوم به حجة.