نسائهم، وأبى المشركون أن يقروا بحكم الله فيما فرض عليهم من أداء نفقات المسلمين، فقال الله للمؤمنين به: ﴿وَإِنْ فَاتَكُمْ شَيءٌ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ إِلَى الْكُفَّارِ فَعَاقَبْتُمْ فَآتُوا الَّذِينَ ذَهَبَتْ أَزْوَاجُهُمْ مِثْلَ مَا أَنْفَقُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي أَنْتُمْ بِهِ مُؤْمِنُونَ﴾. فلو أنها ذهبت بعد هذه الآية امرأةٌ من أزواج المؤمنين إلى المشركين، رَدَّ المؤمنون إلى زوجها النفقة التي أنفق عليها من العَقِب اللاتي بأيديهم، الذي [١] أمروا أن يردوه على المشركين من نفقاتهم التي أنفقوا على أزواجهم اللاتي آمن وهاجرنَ، ثم ردوا إلى المشركين فضلًا [إن كان بقي لهم][٢]. والعقب: ما كان [بأيدي المؤمنين][٣] من صداق نساء [٤] الكفار حين [٥] آمنّ وهاجرنَ.
وقال العوفي، عن ابن عباس في هذه الآية: يعني إن لحقت [٦] امرأة رجل من المهاجرين بالكفار، أمر له رسول الله ﷺ أنه يعطى من الغنيمة مثل ما أنفق.
وهكذا قال مجاهد: ﴿فَعَاقَبْتُمْ﴾: أصبتم غنيمة من قريش أو غيرهم، ﴿فَآتُوا الَّذِينَ ذَهَبَتْ أَزْوَاجُهُمْ مِثْلَ مَا أَنْفَقُوا﴾، يعني: مهر مثلها. وهكذا قال مسروق، وإبراهيم، وقتادة، ومقاتل، والضحاك، وسفيان بن حسين، والزهري أيضًا.
وهذا لا ينافي الأول؛ لأنه إن أمكن، الأول فهو أولي، وإلا فمن الغنائم اللاتي تؤخذ من أيدي الكفار. وهذا أوسع، وهو اختيار ابن جرير، ولله الحمد والمنة.
قال البخاري (٣٨): حدثنا إسحاق، حدثنا يعقوب بن إبراهيم، حدثنا ابن أخي ابن شهاب، في عمه قال: أخبرني عروة أن عائشة زوج النبي ﷺ أخبرته: أن رسول الله ﷺ كان يمتحن من هاجر إليه من المؤمنات بهذه الآية:
(٣٨) - أخرجه البخاري في كتاب التفسر، باب ﴿إِذَا جَاءَكُمُ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ﴾، حديث (٤٨٩١) (٨/ ٦٣٦).