للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال ابن ثَور (٣٥)، عن معمر، عن الزهري: أنزلت هذه الآية على رسول الله وهو بأسفل الحديبية، حين صالحهم على أنه من أتاه منهم رده إليهم، فلما جاء النساء نزلت هذه الآدة، وأمره أن يرد الصداق إلى أزواجهن، وحكم على المشركين مثل ذلك إذا جاءتهم امرأة من المسلمين أن هدوا الصداق إلى زوجها، وقال: ﴿وَلَا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ﴾. وهكذا قال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم، وقال: وإنما حكم الله بينهم بذلك، لأجل ما كان بينهم وبينهم [١] من العهد.

وقال محمد بن إسحاق (٣٦)، عن الزهري: طلق عمر يومئذ قريبة بنت أبي أمية بن المغيرة، فتزوجها معاوية - وأمَّ كلثوم بنت عمرو بن جرول الخزاعية، وهي أم عبيد الله، فتزوجها أبو جهم بن حذيفة بن غانم، رجل من قومه، وهما على شركهما. وطلق طلحةُ بن عبيد الله أروى بنتَ ربيعة [٢] بن الحارث بن عبد المطلب، فتزوجها بعده خالد بن سعيد بن العاص.

وقوله: ﴿وَاسْأَلُوا مَا أَنْفَقْتُمْ وَلْيَسْأَلُوا مَا أَنْفَقُوا﴾، أي: وطالبوا بما أنفقتم على أزواجكم اللاتي يذهبن إلى الكفار، إن ذهبن، وليطالبوا بما أنفقوا على أزواجهم اللاتي هاجرن إلى المسلمين.

وقوله: ﴿ذَلِكُمْ حُكْمُ اللَّهِ يَحْكُمُ بَينَكُمْ﴾، أي: في الصلح واستثناء النساء منه، والأمر بهذا كله هو حكم الله حكم به [٣] خلقه، ﴿وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ﴾، أي: عليم بما يصلح عباده، حكيم في ذلك.

ثم قال: ﴿وَإِنْ فَاتَكُمْ شَيءٌ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ إِلَى الْكُفَّارِ فَعَاقَبْتُمْ فَآتُوا الَّذِينَ ذَهَبَتْ أَزْوَاجُهُمْ مِثْلَ مَا أَنْفَقُوا﴾ - قال مجاهد، وقتادة: هذا في الكفار الذين ليس لهم عهد، إذا فرت [٤] إليهم امرأة ولم يدفعوا إلى زوجها شيئًا، فإذا جاءت منهم امرأة لا يدفع إلى زوجها شيء، حتى يدفع إلى زوج الذاهبة إليهم مثل نفقته عليها.

وقال ابن جرير (٣٧): حدثنا يونس، حدثنا ابن وهب، أخبرني يونس، عن الزهري قال: أقر المؤمنون بحكم الله، فأدوا ما أمروا به من نفقات المشركين التي أنفقوا على


(٣٥) - أخرجه الطبري (٧٠/ ٢٨) وهو مرسل.
(٣٦) - ذكره ابن هشام في السيرة النبوية (٣/ ٧٩٠ - ٧٩١) من طريق ابن إسحاق.
(٣٧) - أخرجه الطبري (٢٨/ ٧٥) هكذا مرسلًا.