للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يا رسول الله؛ أن أمنا قدمت علينا المدينة [١] راغبةً، أفنصلها. قال: "نعم، فَصِلاها".

ثم قال: وهذا الحديث لا نعلمه [٢] يروى عن الزهري عن عروة عن عائشة إلا من هذا الوجه.

قلت: وهو منكر بهذا السياق، لأن أم عائشة هي أم رومان، وكانت مسملة مهاجرة، وأم أسماء غيرها، كما هو مصرح باسمها في هذه الأحاديث المتقدمة، والله أعلم.

وقوله: ﴿إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ﴾: تقدم تقدير ذلك في "سورة الحجرات". وأورد الحديث الصحيح: "المقسطون على منابر من نور عن يمين العرش: الذين [يعدلون في حكمهم] [٣]، وأهاليهم، وما وَلُوا" (٢٥).

وقوله ﴿إِنَّمَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ قَاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَأَخْرَجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ وَظَاهَرُوا عَلَى إِخْرَاجِكُمْ أَنْ تَوَلَّوْهُمْ﴾ أي: إنما ينهاكم عن موالاة هؤلاء الذي ناصبوكم بالعداوة، فقاتلوكم وأخرجوكم، وعاونوا على إخراجكم، ينهاكم الله عن موالاتهم ويأمركم بمعاداتهم ثم أكد الوعيد على موالاتهم فقال: ﴿وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ﴾، كقوله: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ﴾.

﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا جَاءَكُمُ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ فَامْتَحِنُوهُنَّ اللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمَانِهِنَّ فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِنَاتٍ فَلَا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ لَا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلَا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ وَآتُوهُمْ مَا أَنْفَقُوا وَلَا جُنَاحَ عَلَيكُمْ أَنْ تَنْكِحُوهُنَّ إِذَا آتَيتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ وَلَا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ وَاسْأَلُوا مَا أَنْفَقْتُمْ وَلْيَسْأَلُوا مَا أَنْفَقُوا ذَلِكُمْ حُكْمُ اللَّهِ يَحْكُمُ بَينَكُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (١٠) وَإِنْ فَاتَكُمْ شَيءٌ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ إِلَى الْكُفَّارِ فَعَاقَبْتُمْ فَآتُوا الَّذِينَ ذَهَبَتْ أَزْوَاجُهُمْ مِثْلَ مَا أَنْفَقُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي أَنْتُمْ بِهِ مُؤْمِنُونَ (١١)

تقدم في "سورة الفتح" ذكر صلح الحديبية الذي وقع بين رسول الله - صلى الله عليه


(٢٥) - تقدم تخريجه في تفسير سورة الحجرات، آية: (٩) وهو حديث صحيح.