للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وحال هؤلاء كما أخبر تعالى عن المشركين حيث يقول: ﴿ثُمَّ لَمْ تَكُنْ فِتْنَتُهُمْ إلا أَنْ قَالُوا وَاللَّهِ رَبِّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ (٢٣) انْظُرْ كَيفَ كَذَبُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَضَلَّ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَفْتَرُونَ﴾. ثم قال: ﴿اسْتَحْوَذَ عَلَيهِمُ الشَّيطَانُ فَأَنْسَاهُمْ ذِكْرَ اللَّهِ﴾، أي: استحوذ على قلوبهم الشيطان حتى أنساهم أن يذكروا الله ﷿ وكذلك يصنع بمن استحوذ عليه. ولهذا قال أبو داود:

حدثنا أحمد بن يونس، حدثنا زائدة، حدثنا السائب بن حُبَيش، عن معدان بن أبي طلحة اليَعْمُري، عن أبي الدرداء قال [١]: سمعت رسول الله يقول: "ما من ثلاثة في قرية ولا بدو، لا تقام فيهم الصلاة إلا قد استحوذ عليهم الشيطان، فعليك بالجماعة فإنما يأكل الذئب القاصية"، قال زائدة: قال السائب: يعني الصلاة في الجماعة (٥٨).

ثم قال تعالى: ﴿أُولَئِكَ حِزْبُ الشَّيطَانِ﴾، يعني الذين استحوذ عليهم الشيطان فأنساهم ذكر الله. ثم قال: ﴿أَلَا إِنَّ حِزْبَ الشَّيطَانِ هُمُ الْخَاسِرُونَ﴾.

﴿إِنَّ الَّذِينَ يُحَادُّونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ فِي الْأَذَلِّينَ (٢٠) كَتَبَ اللَّهُ لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي إِنَّ اللَّهَ قَويٌّ عَزِيزٌ (٢١) لَا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُولَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمَانَ وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ أُولَئِكَ حِزْبُ اللَّهِ أَلَا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (٢٢)

يقول تعالى مخبرًا عن الكفار المعاندين المحادين لله ورسوله، يعني: الذين هم في حَد


= إسرائيل عنه. وقال: صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه. وأورده الهيثمي في "مجمع الزوائد" (٧/ ١٢٥) وعزاه إلى الطبراني وأحمد والبزار، وقال: رجال الجميع رجال الصحيح.
(٥٨) - أخرجه أبو داود في كتاب: الصلاة، باب: في التشديد في ترك الجماعة، حديث (٥٤٧) (١/ ١٥٠). قال الزيلعي في "نصب الراية" (٢/ ٢٤): قال النووي: إسناده صحيح، ذكره في الخلاصة.
وحسنه الألباني في صحيح سنن أبي داود (٥١١).