للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الناس، ﴿فَلَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ﴾، أي: في مقابلة ما امتهنوا من الحلف باسم الله العظيم في الأيمان الكاذبة الحانثة.

ثم قال: ﴿لَنْ تُغْنِيَ عَنْهُمْ أَمْوَالُهُمْ وَلَا أَوْلَادُهُمْ مِنَ اللَّهِ شَيئًا﴾، أي: لن يدفع ذلك عنهم بأسًا إذا جاءهم، ﴿أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ﴾.

ثم قال: ﴿يَوْمَ يَبْعَثُهُمُ اللَّهُ جَمِيعًا﴾ أي: يحشرهم يوم القيامة عن آخرهم فلا يغادر منهم أحدًا ﴿فَيَحْلِفُونَ لَهُ كَمَا يَحْلِفُونَ لَكُمْ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ عَلَى شَيءٍ﴾ أي: يحلفون لله [١]﷿ أنهم كانوا على الهدى والاستقامة كما كانوا يحلفون للناس في الدنيا: لأن من عاش على شيء مات عليه وبعث عليه ويعتقدون أن ذلك ينفعهم عند الله كما كان ينفعهم عند الناس فيجرون عليهم الأحكام الظاهرة؛ ولهذا قال ﴿وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ عَلَى شَيءٍ﴾ أي: حلفهم ذلك لربهم ﷿ ثم قال منكرًا عليهم حسبانهم [ذلك] [٢]: ﴿أَلَا إِنَّهُمْ هُمُ الْكَاذِبُونَ﴾ فأكد الخبر عنهم بالكذب.

وقال ابن أبي حاتم: حدثنا أبي، حدثنا ابن نفيل، حدثنا زهير، حدثنا [٣] سماك بن حرب، حدثني سعيد بن جُبَير: أن ابن عباس حَدثه: أن النبي كان في ظل حجرة من حُجَره، وعنده نفر من المسلمين قد كاد يقلص عنهم الظل، قال: "إنه سيأتيكم إنسان [٤] ينظر بعيني شيطان، فإذا أتاكم فلا تكلموه". فجاء رجل أزرق، فدعاه رسول الله فكلمه، فقال: "علام تشتمني أنت وفلان وفلان؟ " - نفر دعاهم بأسمائهم - قال: فانطلق الرجل فدعاهم، فحلفوا له واعتذروا إليه، قال: فأنزل الله ﷿: ﴿فَيَحْلِفُونَ لَهُ كَمَا يَحْلِفُونَ لَكُمْ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ عَلَى شَيءٍ أَلَا إِنَّهُمْ هُمُ الْكَاذِبُونَ﴾.

وهكذا رواه الإمام أحمد من طريقين عن سماك، به (٥٥).

ورواه ابن جرير، عن محمد بن المثنى، عن غندر، عن شعبة، عن سماك، به نحوه (٥٦).

وأخرجه أيضًا من حديث سفيان الثوري عن سماك بنحوه إسناد جيد ولم يخرجوه (٥٧).


(٥٥) - أخرجه أحمد (١/ ٢٤٠) (٢١٤٧).
(٥٦) - والطبرى (٢٨/ ٢٣) وشعبة روى عن سماك قبل الاختلاط وقد صحح إسناد هذا الحديث الشيخ أحمد شاكر في تعليقه على المسند.
(٥٧) - وأخرجه الطبري (٢٨/ ٢٥) من طريق سفيان عن سماك، والحاكم (٢/ ٤٨٢) من طريق =