للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال الإمام أحمد: حدثنا عَتَّاب [١] بن زياد، [أخبرنا عبد الله] [٢]، أخبرنا أسامة بن زيد، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن عبد الله بن عمرو أن رسول الله قال: "لا يحل لرجل أن يفرق بين اثنين إلا بإذنهما" (٤٧).

ورواه أبو داود والترمذي من حديث أسامة بن زيد الليثي به (٤٨). وحسَّنه الترمذي.

وقد رُوِيَ عن ابن عباس والحسن البصري وغيرهما أنهم قالوا في قوله تعالى: ﴿إِذَا قِيلَ لَكُمْ تَفَسَّحُوا فِي الْمَجَالِسِ فَافْسَحُوا﴾، يعني: في مجالس الحرب. قالوا: ومعنى قوله: ﴿وَإِذَا قِيلَ [] [٣] انْشُزُوا فَانْشُزُوا﴾ أي: انهضوا للقتال. وقال قتادة: ﴿وَإِذَا قِيلَ انْشُزُوا فَانْشُزُوا﴾، أي: إذا دعيتم إلى خير فأجيبوا. وقال مقاتل: إذا دعيتم إلى الصلاة فارتفعوا إليها.

وقال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم: كانوا إذا كانوا عند النبي في بيته فأرادوا الانصراف، أحب كل منهم أن يكون هو آخرهم خروجًا من عنده، فربما يشق ذلك عليه وقد تكون له الحاجة، فأمروا أنهم إذا أمروا بالانصراف أن ينصرفوا، كقوله: ﴿[وَإِنْ قِيلَ لَكُمُ] [٤] ارْجِعُوا فَارْجِعُوا﴾.

وقوله: ﴿يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ﴾ أي: لا تعتقدوا أنه إذا فَسَح أحد منكم لأخيه إذا أقبل، أو إذا أمر بالخروج فخرج، أن يكون ذلك نقصًا في حقه، بل هو رفعة ومزية عند الله، والله تعالى لا يضيع ذلك له، بل يجزيه بها في الدنيا والآخرة، فإن من تواضع لأمر الله رَفَع الله قدره، ونشَرَ ذكره؛ ولهذا قال: ﴿يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ وَاللَّهُ [بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ﴾، أي:] [٥] خبير بمن يستحق ذلك وبمن لا يستحقه.

قال الإمام أحمد: حدثنا أبو كامل، حدثنا إبراهيم، حدثنا ابن شهاب، عن أبي الطفيل


(٤٧) - أخرجه أحمد (٢/ ٢١٣) (٦٩٩٩).
(٤٨) - وأبو داود في كتاب: الأدب، باب: في تنزيل الناس منازلهم، حديث (٤٨٤٥) (٤/ ٢٦٢)، والترمذي في كتاب: الأدب، باب: ما جاء في كراهية الجلوس بين الرجلين بغير إذنهما، حديث (٢٧٥٣) (٨/ ٥). قال الترمذي: حسن صحيح، وصححه أحمد شاكر في تعليقه على المسند. وقال الألباني: حسن صحيح في صحيح أبي داود.