للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أولو الأحلام والنهى، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم". قال أبو مسعود: فأنتم اليوم أشد اختلافًا.

وكذا [١] رواه مسلم وأهل السنن - إلّا الترمذي - من طرق عن الأعمش به (٤٤). وإذا كان هذا أمره لهم في الصلاة أن يليه العقلاء ثم العلماء، فبطريق الأولى أن يكون ذلك في غير الصلاة.

وروى أبو داود من حديث معاوية بن صالح، عن أبي الزاهرية، عن كثير بن مرة، عن عبد الله بن عمر، أن رسول الله قال: "أقيموا الصفوف، وحاذوا بين المناكب، وسدوا الخلل، ولينوا بأيدي إخوانكم، ولا تذروا فرجات الشيطان، ومن وصل صفًّا وصله الله، ومن قطع صفًّا قطعه الله" (٤٥). ولهذا كان أبي بن كعب سيد القراء إذا انتهى إلى الصف الأول انتزع منه رجلًا يكون من أفناء [٢] الناس، ويدخل هو في الصف المقدم، ويحتج بهذا الحديث: "ليليني منكم أولو الأحلام والنهى".

وأما عبد الله بن عمر فكان لا يجلس في المكان الذي يقوم له صاحبه عنه، عملًا بمقتضى ما تقدم من روايته الحديث الذي أوردناه. ولنقتصر على هذا المقدار من الأنموذج المتعلق بهذه الآية، وإلا فبسطه يحتاج إلى غير هذا الموضع.

وفي الحديث الصحيح: بينا رسول الله جالس، إذ أقبل ثلاثة نفر، فأما أحدهم فوجد فرجة في الحلقة فدخل فيها، وأما الآخر فجلس وراء الناس، وأدبر الثالث ذاهبًا. فقال رسول الله : "ألا أنبئكم بخبر [٣] الثلاثة، أما الأول فآوى إلى الله فآواه الله، وأما الثاني فاستحيا فاستحيا الله منه. وأما الثالث فأعرض فأعرض الله عنه" (٤٦)


(٤٤) - وأخرجه مسلم كما مر، وأبو داود في كتاب: الصلاة، باب: من يستحب أن يلي الإمام في الصف وكراهية التأخر، حديث (٦٧٤) (١/ ١٨٠)، والنسائي (٢/ ٨٧ - ٨٨)، وابن ماجة في كتاب: الإقامة، باب: من يستحب أن يلي الإمام، حديث (١٧٦) (٢/ ٣١١ - ٣١٣).
(٤٥) - أخرجه أبو داود في كتاب: الصلاة، باب: تسوية الصفوف، حديث (٦٦٦) (١/ ١٧٨ - ١٧٩)، وصححه الألباني في صحيح أبي داود (٦٢٠).
(٤٦) - أخرجه البخاري في كتاب العلم، باب: من قعد حيث ينتهي به المجلس، حديث (٦٦) (١/ ١٥٦) وطرفه في [٤٧٤]. ومسلم في كتاب: السلام، باب: من أتى مجلسًا فوجد فرجة فجلس فيها، حديث (٢٦/ ٢١٧٦) (١٤/ ٢٢٦) كلاهما من حديث أبي واقد الليثي .