قال: فضنّ الرجل بأبيه. قال [١]: ونفذت القضية، فلما فرغا من الكتاب، وكان رسول الله ﷺ يصلي في الحرم، وهو مضطرب في الحل، قال: فقام رسول الله ﷺ فقال: "يا أيا الناس، انحروا واحلقوا". قال: فما قام أحد. قال: ثم عاد بمثلها، فما قام رجل [حتى عاد ﷺ بمثلها، فما قام رجل][٢].
فرجع رسول الله، ﷺ، فدخل علي أم سلمة فقال:"يا أم سلمة، ما شأن الناس؟ ". قالت: يا رسول الله قد دخلهم ما رأيت، فلا تُكلِّمنَّ منهم إنسانًا، واعمد إلي هديك حيث كان فانحره واحلق، فلو قد فعلت ذلك فعل الناس ذلك، فخرج رسول الله ﷺ لا يكلم أحدًا حتى أتى هديه فنحره، ثم جلس فحلق، قال: فقام الناس ينحرون ويحلقون. قال: حتى إذا كان بين مكة والمدينة في وسط الطريق نزلت سورة الفتح.
هكذا ساقه أحمد من هذا الوجه، وهكذا رواه يونس بن بكير وزياد البكائي عن ابن إسحاق بنحوه وفيه إغراب. وقد رواه أيضًا عن عبد الرزاق، عن معمر، عن الزهري، به نحوه، وخالفه في أشياء. وقد رواه البخاري ﵀ في صحيحه، فساقه سياقة حسنة مطولة بزيادات جيده، فقال في كتاب الشروط من صحيحه (٦٤):
حدثنا عبد الله بن محمد، حدثنا عبد الرزاق، أخبرنا معمر، أخبرني الزهري، أخبرني عروة بن الزبير، عن المشور بن مخرمة ومَروان بن الحكم، يصدّق كل واحد منهما حديث صاحبه، قالا: خرج رسول الله ﷺ زَمَن الحديبية في بضع عشرة مائة من أصحابه، فلما أتي ذا الحليفة قَلَّدَ الهدي وأشعره، وأحرم منها بعُمرة وبعث عينًا له من خزاعة [٣]، وسار حتى إذا كان بغدير الأشطاط [٤] أتاه عينه فقال: إن قريشًا قد جَمَعوا لك جموعًا، وقد جمعوا لك الأحابيش وهم مقاتلوك وصادوك ومانعوك. فقال:"أشيروا -أيا الناس- عليّ، أترون أن نميل على عيالهم. وذراريّ هؤلاء الذين يريدون أن يصدونا عن البيت؟ " - وفي لفظ:"أترون أن نميل على ذراري هؤلاء الذين أعانوهم. [فإن يأتونا كان الله قد قطع عُنقًا من المشركين وإلا تركناهم محزونين". وفي
(٦٤) - صحيح البخاري في الشروط، باب الشروط في الجهاد والمصالحة مع أهل الحرب وكناية الشروط، حديث (٢٧٣١، ٢٧٣٢) وانظر التخريج السابق.