الشجرة علي ظهر رسول الله ﷺ وعليٌّ بن أبي طالب، وسهيلُ بن عمرو بين يديه- فقال رسول الله ﷺ لعليّ:"اكتب: بسم الله الرحمن الرحيم". فأخذ سهيل بيده وقال: ما نعرف الرحمن الرحيم. اكتب في قضيتنا ما نعرف. [قال:"اكتب باسمك اللهم". وكتب:"هذا ما صالح عليه محمد رسول الله أهل مكة". فأمسك سهيل بن عمرو بيده وقال: لقد ظلمناك إن كنت رسوله، اكتب في قضيتنا ما نعرف] [١]. فقال:"اكتب هذا ما صالح عليه محمد بن عبد الله". فبينا نحن كذلك إذ خرج علينا ثلاثون شابًّا عليهم السلاح، فثاروا في وجوهنا، فدعا عليهم رسول الله ﷺ، فأخذ الله بأسماعهم، فقمنا إليهم فأخذناهم، فقال رسول الله ﷺ:"هل جئتم في عهد أحد؟ " أو: "هل جعل لكم أحد أمانا؟ ". فقالوا: لا. فخلي سبيلهم، فأنزل الله: ﴿وَهُوَ الَّذِي كَفَّ أَيدِيَهُمْ عَنْكُمْ وَأَيدِيَكُمْ عَنْهُمْ بِبَطْنِ مَكَّةَ مِنْ بَعْدِ أَنْ أَظْفَرَكُمْ عَلَيهِمْ وَكَانَ اللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرًا (٢٤)﴾. رواه النسائي من حديث حسين بن واقد به.
وقال ابن جرير (٥٢): حدثنا ابن حميد، حدثنا يعقوب القُمّي، حدثنا [٢] جعفر، عن ابن أبزي؛ قال: لما خرج النبي ﷺ بالهدي وانتهي إلي ذي الحليفة قال له عمر: يا نبي الله؛ تدخل [٣] على قوم لك حَرْب بغير سلاح ولا كُراع؟ قال: فبعث إلي المدينة، فلم يدع فيها كُراعًا ولا سلاحًا إلا حمله، فلما دنا من مكة منعوه أن يدخل، فسار حتى أتي مني، فنزل بمنى [فأتاه عينه][٤] أن عكرمة بن أبي جهل قد خرج عليك في خمسمائة، فقال لخالد بن الوليد:"يا خالد؛ هذا [][٥] ابن عمك أتاك في الخيل". فقال خالد: أنا سيف الله، وسيف رسوله -فيومئذ سُمي سيف الله- يا رسول الله؛ ارم بي أين شئت. فبعثه على خيل، فلقي عكرمة في الشعب فهزمه حتى أدخله حيطان مكة، ثم عاد في الثانية فهزمه حتى أدخله حيطان مكة، ثم عاد في الثالثة فهزمه حتى أدخله حيطان مكة، فأنزل الله: ﴿وَهُوَ الَّذِي كَفَّ أَيدِيَهُمْ عَنْكُمْ وَأَيدِيَكُمْ عَنْهُمْ بِبَطْنِ مَكَّةَ﴾ إلى ﴿عذابًا أليمًا﴾. قال: فكف الله النبي عنهم من بعد أن أظفره عليهم لبقايا [٦] من المسلمين كانوا بقوا [٧] فيها كراهية أن تطأهم الخيل.
(٥٢) - تفسير الطبري (٢٦، ٩٥)، وعزاه السيوطي أيضًا في الدر المنثور (٦/ ٨٧) إلي ابن أبي حاتم وابن المنذر.