للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أعدائه من المشركين، مع قلة عدد المسلمين وعُدَدهم، وكثرة المشركين وعُددهم.

وقوله: ﴿وَهُوَ الَّذِي كَفَّ أَيدِيَهُمْ عَنْكُمْ وَأَيدِيَكُمْ عَنْهُمْ بِبَطْنِ مَكَّةَ مِنْ بَعْدِ أَنْ أَظْفَرَكُمْ عَلَيهِمْ وَكَانَ اللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرًا (٢٤)﴾: هذا امتنان من الله علي عباده المؤمنين حين كف أيدي المشركين عنهم، فلم يصل إليهم منهم سوء، وكفّ أيدي المؤمنين عن [١] المشركين فلم يقاتلوهم عند المسجد الحرام، بل صان كلًّا من الفريقين، وأوجد بينهم صلحًا فيه خِيَرَةٌ للمؤمنين، وعاقبة لهم في الدنيا والآخرة. وقد تقدم في حديث سلمة بن الأكوع حين جاءوا بأولئك السبعين الأساري فأوثقوهم بين يدي رسول الله فنظر إليهم وقال: "أرسلوهم يكن لهم بدء الفجور وثِنَاه [٢] ". قال: وفي ذلك أنزل الله: ﴿وَهُوَ الَّذِي كَفَّ أَيدِيَهُمْ عَنْكُمْ وَأَيدِيَكُمْ عَنْهُمْ﴾ … الآية.

وقال الإِمام أحمد (٥٠): حدثنا يزيد بن هارون، حدثنا حماد، عن ثابت، عن أنس بن مالك؛ قال: لما [٣] كان يوم الحديبية هبط علي رسول الله وأصحابه ثمانون رجلًا من أهل مكة في السلاح من قبل جبل التنعيم يريدون غِرّة رسول الله فدعا عليهم فأخذوا -قال عفان: فعفا عنهم- ونزلت هذه الآية: ﴿وَهُوَ الَّذِي كَفَّ أَيدِيَهُمْ عَنْكُمْ وَأَيدِيَكُمْ عَنْهُمْ بِبَطْنِ مَكَّةَ مِنْ بَعْدِ أَنْ أَظْفَرَكُمْ عَلَيهِمْ﴾.

ورواه مسلم وأبو داود في سننه، والترمذي والنسائي في التفسير من سننيهما، من طرق، عن حماد بن سلمة به.

وقال أحمد أيضًا [٤] (٥١): حدثنا زيد [٥] بن الحباب، حدثنا الحسين بن واقد، حدثنا ثابت البُناني، عن عبد الله بن [مغفل المزني] [٦]، قال: كنا مع رسول الله، ، في أصل الشجرة التي قال الله تعالى في القرآن، وكان يقع من أغصان تلك


(٥٠) - المسند (٣/ ١٢٢، ١٢٤)، وأخرجه أيضًا في (٣/ ٢٩٠)، وعبد بن حميد (١٢٠٨) ومسلم في الجهاد والسير، حديث (١٨٠٨) وأبو داود في الجهاد، باب في المن علي الأسير بغير نداء حديث (٢٦٨٨)، والترمذي في تفسير القرآن، باب ومن سورة الفتح حديث (٣٢٦٤) والنسائي في التفسير (٥٣٠) من طرق عن حماد بن سلمة له.
(٥١) - المسند (٤/ ٨٦)، وأخرجه النسائي في التفسير (٥٣١) عن محمد بن عقيل عن علي بن الحسين بن واقد عن أبيه به.
وأخرجه أيضًا الطبري في تفسيره (٢٦/ ٩٣ - ٩٤)، والحاكم في المستدرك (٣/ ٤٦٠ - ٤٦١)، والبيهقي (٦/ ٣١٩) من طريق الحسين بن واقد به.