للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

﴿وَيَهْدِيَكُمْ صِرَاطًا مُسْتَقِيمًا﴾ أي: بسبب انقيادكم لأمره واتباعكم طاعته، وموافقتكم رسوله.

وقوله: ﴿وَأُخْرَى لَمْ تَقْدِرُوا عَلَيهَا قَدْ أَحَاطَ اللَّهُ بِهَا وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيءٍ قَدِيرًا﴾ أي: وغنيمة أخرى وفتحًا آخر معينًا لم تكونوا تقدرون عليها، قد يَسَّرها الله عليكم، وأحاط بها لكم؛ فإنه تعالى يرزق عباده المتقين له من حيث لا يحتسبون.

وقد اختلف المفسرون في هذه الغنيمة، ما المراد بها؟ فقال العوفي، عن ابن عباس: هي خيبر. وهذا على قوله في قوله تعالى: ﴿فَعَجَّلَ لَكُمْ هَذِهِ﴾: إنها صلح الحديبية. وقاله الضحاك، وابن إسحاق، وعبد الرحمن بن زيد بن أسلم.

وقال قتادة: هي مكة. واختاره ابن جرير.

وقال ابن أبي ليلي، والحسن البصري: هي فارس والروم.

وقال مجاهد: هي كل فتح وغنيمة إلي يوم القيامة.

وقال أبو داود الطيالسي (٤٩): حدثنا شعبة، عن سماك الحَنَفي، عن ابن عباس: ﴿وَأُخْرَى لَمْ تَقْدِرُوا عَلَيهَا قَدْ أَحَاطَ اللَّهُ بِهَا﴾، قال: هذه الفتوح التي [١] تفتح إلى اليوم.

وقوله: ﴿وَلَوْ قَاتَلَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوَلَّوُا الْأَدْبَارَ ثُمَّ لَا يَجِدُونَ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا﴾ يقول تعالى مبشرًا لعباده المؤمنين بأنه لو ناجزهم المشركون لنصر الله رسوله وعباده المؤمنين عليهم، ولانهزم جيش الكفار [٢] فارًّا مدبرًا لا يجدون وليًّا ولا نصيرًا، لأنهم محاربون لله ولرسوله ولحزبه المؤمنين.

ثم قال: ﴿سُنَّةَ اللَّهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلُ وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلًا [٣]﴾ أي: هذه سنة الله وعادته في خلقه، ما تقابل الكفر والإِيمان في موطن فيصل إلا نصر الله الإِيمان على الكفر، فرفع الحق ووضع الباطل، كما فعل تعالى يوم بدر بأوليائه [٤] المؤمنين نصرهم علي


(٤٩) - أخرجه البيهقي في دلائل النبوة (٤/ ١٦٣) من طريق يحيى بن أبي زائدة عن شعبة به بلفظ هو ما أصبتم بعده.
وعزاه السيوطي في الدر المنثور (٦/ ٨٣) إلي عبد بن حميد وابن أبي حاتم، وابن المنذر وابن مردويه والبيهقي في الدلائل باللفظ الذي ذكره المصنف.