للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال: فإني أعزم عليك إلا ما أخبرتني. قال: كنت كاهنَهم في الجاهلية. قال: فما أعجب ما جاءتك [١] به جِنِّيَّتُك. قال: بينما أنا يومًا في السوق جاءتني أعرف فيها الفزع، فقالت:

ألم تر الجن وإبلاسها (*) … ويأسها من بعد إنكاسها (**)

ولحوقها بالقلاص وأحلاسها (***).

قال عمر: صدق، بينما أنا نائم عند آلهتهم، إذ جاء رجل بعجل فذبحه، فصرخ كه صارخ، لم أسمع صارخًا قط أشد صوتًا منه، يقول: يا جَليح، أمرٌ نَجِيح، رجل فصيح يقول: "لا إله إلا الله". فوثب القوم فقلت: لا أبرح حتى أعلم ما وراء هذا؟ ثم نادى: يا جَليِح؛ أمر نَجِيح، رجل فصيح، يقول: "لا إله إلا الله". فقمت، فما نَشِبنا (****) أن قيل: هذا نبي. هذا سياق البخاري، وقد رواه البيهقي من حديث ابن وهب، بنحوه، ثم قال: وظاهر هذه الرواية يُوهم [٢] أن عمر بنفسه سمع الصارخ يصرخ من العجل الذي ذُبِح، وكذلك هو صريح و [٣] في رواية ضعيفة عن عمر [في إسلامه] [٤]، وسائر الروايات تدل على أن هذا الكاهن هو الذي أخبر كذلك عن رؤيته [٥] وسماعه. والله أعلم (٥٤).

وهذا الذي قاله البيهقي هو المتجه، وهذا الرجل هو سواد بن قارب، وقد ذكرت [٦] هذا مُستقصى في "سيرة عمر" فمن أراده فليأخذه من ثَمَّ، ولله الحمد.

قال البيهقي (٥٥): حديث سواد بن قارب، ويشبه أن يكون هذا: هو [٧] الكاهن الذي لم


(*) الإبلاس: اليأس.
(**) الإنكاس: الانقلاب. قال ابن فارس: معناه أنها يئست من استراق السمع بعد أن كانت قد ألقته.
(***) القلاص: جمع الجمع لقلوص، وهي الفتية من الإبل. والأحلاس جمع حِلس، وهو ما يوضع على ظهور الإبل تحت الرحل. وهذا القسيم الأخير غير موزون.
(****) أي لم تتعلق بشيء، من الأشياء حتى سمعنا أن النبي قد خرج. يريد أن ذلك كان بقرب مبعث النبي .
(٥٤) - انظر (دلائل النبوة) للإمام البيهقي (٢/ ٢٤٥).
(٥٥) - انظر (دلائل النبوة) (٢/ ٢٤٨) والحديث رواه البيهقي كما نقله المصنف، وإسناده ضعيف؛ أبو إسحاق هو عمرو بن عبد الله السبيعي ثقة؛ لكنه يدلس وقد عنعن، والحد يث له طريق آخر، رواه الحسن بن سفيان وأبو يعلى كما في "الإصابة" (٤/ ٢٩٥) الطبراني في الكبير (٦٤٧٥) والحاكم في =