ورواه مسلم وأهل السنن إلَّا ابن ماجة من حديث شعبة بإسناده نحوه [١] وأطول منه.
﴿حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهًا﴾ أي: قاست بسببه في حال حمله مشقة وتعبًا، من وِحَام وغشيان وثقل وكرب، إلى غير ذلك مما تنال الحوامل من التعب والمشقة، ﴿وَوَضَعَتْهُ كُرْهًا﴾ أي: بمشقة أيضًا من الطلق وشدته، ﴿وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلَاثُونَ﴾.
وقد استدل علي ﵁ بهذه الآية مع [٢] التي في لقمان: ﴿وَفِصَالُهُ فِي عَامَينِ﴾، [وقوله: ﴿وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ حَوْلَينِ كَامِلَينِ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ﴾][٣]، على أن أقل مدة الحمل ستة أشهر، وهو استنباط قوى صحيح. ووافقه عليه عثمان وجماعة من الصحابة ﵃.
قال محمد بن إسحاق بن يسار (٨): عن يزيد بن عبد الله بن قُسَيط، عن بَعجَةَ [٤] بن عبد الله الجهني قال: تزوج رجل منا امرأة من جُهَينة، فولدت له لتمام ستة أشهر، فانطلق زوجها إلى عثمان فذكر ذلك له، فبعث إليها، فلما قامت لتلبس ثيابها بكت أختها، فقالت: ما يبكيك؟! فوالله ما التبس لي أحد من خلق الله غيره قط، فيقضي الله فيّ ما شاء، فلما أُتيَ بها عثمان أمر برجمها، فبلغ ذلك عليًّا فأتاه، فقال له: ما تصنع؟ قال: ولدتْ تمامًا لستة أشهر، وهل يكون ذلك؟ فقال له: أما تقرأ القرآن؟ قال: بلى. قال: أما سمعت الله يقول: ﴿وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهْرًا﴾. وقال: ﴿حَوْلَينِ كَامِلَينِ﴾. فلم نجده بقي إلا ستة أشهر، قال: فقال عثمان: والله ما [٥] فطنت لهذا، عليّ بالمرأة. فوجدوها قد فُرِغَ منها، قال: فقال بَعْجَةُ: فوالله ما الغراب بالغراب، ولا البيضة بالبيضة بأشبه منه بأبيه [][٦]. فلما رآه أبوه قال: ابني! والله لا أشك فيه. قال: وأبلاه الله بهذه القرحة قرحة الأكلة [٧] فما [٨] زالت تأكله حتى مات. رواه ابن أبي حاتم،
(٨) - تفسير ابن أبي حاتم (١٠/ رقم ١٨٥٦٦) وذكره السيوطي في الدر المنثور (٦/ ٩) وزاد نسبته لابن المنذر، ورجال إسناده ثقات، إلَّا ابن إسحاق فإنه صدوق، لكنه يدلس وقد عنعن هنا فلا تقبل روايته وقد تقدم الخبر من طريق أخرى في تفسير سورة الزخرف الآية (٨١).